التسامح

نرمين المفتي

احتفل العالم قبل أيام باليوم العالمي للتسامح. سأترك كل المقولات عن التسامح جانباً وأختار اثنتين لرمزين، أو أيقونتين، عانى كل واحد منهما الكثير بسبب لونه وعرقه ونضاله، لكنهما أبيا إلا أن يستمرا متسامحين، ومنحا القرن العشرين بعض تاريخه المضيء.
أيقونتان، أحدهما، بعد خروجه من السجن الذي أمضى فيه 27 سنة، أصبح اول رئيس (أسمر) لبلده (جنوب إفريقيا)، الذي أصبح من بين الدول السبع الكبيرة، ونجح في تفكيك إرث الفصل العنصري، وخلق فرصاً لحياة سوية وكريمة لمواطنيه بمختلف أعراقهم ودياناتهم، وبنى أمة جديدة بالتسامح، وأقصد (نيلسون مانديلا)، الذي ما تزال مقولته تقود بلده بعد رحيله وهي “بناء روح التسامح والمحبة والاحترام بين أبناء هذا البلد يعني جزءاً من بناء أمة جديدة.” مضيفاً “لن ننسى الظلم، ولكن نحوله إلى عدالة وتسامح ونبني أمة جديدة.” وفعلها، ونجح بامتياز. في 2013 مرض، وقبيل وفاته بثلاثة أيام جرى نقله إلى المستشفى، الذي أمضى حوله الآلاف من أصحاب البشرة البيضاء، جنباً إلى جنب مع الآلاف من أصحاب البشرة السمراء، الأيام الثلاثة، نهاراً وليلاً، يحملون الشموع ويصلّون له.
الثاني هو (محمد علي)، الذي عانى الكثير بسبب لونه ورفضه القتال في فيتنام. وحين أصبح بطل العالم في الملاكمة، جعل من التسامح ثقافته. ويوم رحل في 2016، كانت سيدة بيضاء تمشي أمام المركبة التي حملت نعشه وتنثر بتلات الورد الأحمر على الشارع وتقول إن “نعش أيقونة مثله لابد أن يسير على ورد.”
إن حاول من يرون أنفسهم (قادة) في البلد، أي بلد، ولا أقصد العراق وحده، ولاسيما البلدان التي شهدت الظلم والتعسف، فإن عليهم أن يتسامحوا ويزرعوا الثقة فيما بينهم، ويكونوا رموزاً يقتدى بهم لتثق بهم شعوبهم وتتسامح فيما بينها. هنا، قطعاً لا أقصد التسامح مع الصهاينة (النازيين الجدد).
بالمناسبة، لم ألاحظ برامج خاصة في هذا الشأن ، سواء في المدارس أو الجامعات، على الرغم من أهمية ثقافة التسامح، مع عدم نسيان الظلم، إنما تحويله إلى عدالة اجتماعية كي لا يُظلم آخرون.