حليم سلمان
ممارسة التعداد العام للسكان تُعرّف على أنها عملية حكومية تقوم بها مؤسسات الدولة ذات العلاقة بجمع البيانات الدقيقة والشاملة لجميع أفراد المجتمع، وتشمل أعداد السكان، والتركيبة السكانية، والخصائص الاقتصادية، فضلا عن الخصائص الاجتماعية.
حُرم العراق من هذه الممارسة منذ عقود طوال، وكان آخر تعداد قد أُجري في فترة الحصار الدولي في العام 1997، ولم يشمل وقتذاك إقليم كردستان، وقبله شهد العراق عدة تعدادات كان أولها في العام 1927، (تحت الانتداب البريطاني)، ويعد تعداد 1957 من أهم التعدادات وأكثرها دقة .
بعد سقوط نظام البعث في 2003، دأبت الحكومات المتعاقبة، خصوصاً التي خرجت من رحم الانتخابات، في التفكر بشكل جدي لإجراء التعداد لتحديث المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي طرأت على البلد، لكن الظروف السياسية والأمنية، والاقتصادية التي رافقت ولادة النظام الديمقراطي الاتحادي في العراق حالت دون إقامته.
تعهدت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني باجراء التعداد العام للسكان 2024، في العشرين من شهر تشرين الثاني، أي بعد أيام قلائل من نشر هذا المقال. ويأتي إصرار الحكومة على إجراء التعداد في الموعد الذي حُدد له، تأكيداً لتنفيذ ماورد في البرنامج الحكومي للحكومة الحالية، الذي حظي بمباركة مجلس النواب العراقي.
ولأهمية تنفيذ هذه الخطوة الكبرى، فإننا نوجه هنا دعوة لجميع المواطنين للإسهام الفعال في إنجاح هذا التعداد الذي سيجمع البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية لسكان البلاد، فضلاً عن فوائده المتعددة في توفير قاعدة بيانات دقيقة تساعد الحكومات في وضع خطط تنموية مبنية على احتياجات السكان الحقيقية في مجالات شتى مثل، التعليم والصحة والإسكان، والمساعدة في تحديد التوزيع السكاني على مستوى المناطق، ما يسهل توزيع الموارد والخدمات العامة بشكل عادل، وتوفير البيانات التي ستدعم السياسات الاقتصادية من خلال فهم التركيبة السكانية للقوى العاملة وتوزيعها.
بمعنى أدق، فإن هذه المعلومات الثرية التي ينتجها التعداد العام للسكان تعمل على تعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق الرفاهية الشاملة للمجتمع العراقي في المدن والأرياف.