د. علي الشلاه/
تعدّ الثقافة الأفق الأوسع الذي يكتنف حياة البشر، أفراداً ومجتمعات. وربما اتسع مفهومها في بعض الدول والحضارات ليدخل في صلب السياسة والاقتصاد إضافة إلى المجتمع وعلاقاته وأنساقه.
ولعلّ الدول الحضارية العريقة تعيش الثقافة وتعانيها في الحين نفسه، وهو أمر يتعلق بمشاعر الاعتداد بالنفس والتفوق الحضاري على الآخر التي تتحكم بتصرفات العقل الجمعي التي تصدر عن تلك الدول، ويصبح الأمر كارثياً اذا اقترن بفعل سياسي أو عسكري كما فعلت الدكتاتورية بالعراق في الثمانينات والتسعينات.
ولكن تلك الحالة، مضافة إليها محاولة تحويل الثقافة إلى فعل دعائي لشخص او حزب أو نظام، قد أسقطت المفاهيم السامية في الثقافة والحضارة وحولتها الى وسيلة رخيصة لربط الشعب بعجلة لا إنسانية كانت السبب في ويلات العراق كلها.
وبعد سقوط الدكتاتورية فقد سقطت الثقافة العراقية في المنطقة المعاكسة الخاطئة، فبدل الاتجاه لثقافة التعدد والتنوير والاعتزاز المتسامح بحضارات البلد المتعددة المثرية، فقد سقطنا في مرحلة ازدراء الثقافة وتعليق الأخطاء كلها عليها.
وتبعاً لذلك، فقد تراجعت منزلة وزارة الثقافة في السلّم السياسي والحكومي لتصبح هامشاً غير منظور، وهو الذي أضعف دور الثقافة وأدخل المجتمع في أزمات الطائفية والانعزال وكراهية الآخر المقترنة بالعنف.
وليس جديداً أن نقول إننا اليوم بحاجة إلى إعادة الاعتبار للثقافة، وذلك يعني إعادة الاعتبار للإنسان العراقي وتنويره بالمشتركات الإيجابية لهذا الشعب بسائر مكوناته.
الثقافة العراقية أكبر من أية وزارة .. لأنها العراق نفسه.