الثقافة في مفترق وطن

د. علي الشلاه /

لاشك أن الثقافة بشكل عام والثقافة العراقية بشكل خاص تشكل عاملاً رئيساً من عوامل الوحدة الوطنية لاسيما في الأيام العصيبة وسنوات المحنة إذ أنها تظل مشتركاً جامعاً يشعر المواطنين بالاعتزاز بوطنهم ومواطنيهم.

ومهما يكن الخلاف السياسي وحتى الاجتماعي فإن المواطنين، لاسيما المتعلمين منهم، يشعرون بعزة وانتماء عميق لوطنهم كلما استعرضوا حضارتهم وتاريخهم وثقافتهم المشتركة.

لذا فإن المثقفين يظلون اكبر شريحة اقتراباً من مفهوم الوطن وأكثرها تفهماً للإشكالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها وأنها تميز بين الحكام والساسة واخطائهم وبين الوطن كحاضنة اكبر.

فالوطن لا يخطئ في عرف المثقفين ولكن ساسته وساسة الدول الأخرى هم الذين يخطئون بحقه ويجعلونه يبدو ضائقا بأهله وأبنائه المواطنين، وقد تجعل المواطنين من ناحيتهم يصبون جام غضبهم من الجوانب الاقتصادية والإزمات الشخصية عليه، لكنهم سرعان ما يعودون له كلما تذكروا جوانبه الثقافية والحضارية.

واذا ما عدنا لتجربة العراق فإن كل مثقفيه في الداخل والخارج ومهما اختلفوا مع الأنظمة السياسية المتعاقبة على حكمه يظلون مع الوطن يميزون بينه وبين الطغاة والحكام فترى نصوصهم تزداد تعلقا به كلما زاد ضيم الطغاة عليهم.

الثقافة مهمة ليس لأنها صانعة الجمال والإبداع في الأوطان فقط، بل لانها تصنع الأوطان نفسها احياناً كما تصنع جمالها و إبداعها وأهمية مواطنيها.
اصل من كل ذلك إلى أن العراق بخير لان ثقافته ومثقفيه بخير وذلك صوت المستقبل المختلف الذي يستصرخنا عبر التاريخ العظيم.