د. علي الشلاه/
منذ سنة احدى وستين للهجرة وحتى اليوم، ارتبك عنصرا الموت والخلود ازاء ما فعله الحسين بن علي في أرض كربلاء، حين قلب الموازين كلها وقال لا لـ(نعم) المذلة التي أرادها مزورو الإسلام المحمدي ونهجه الأصيل.
الحسين الإمام بالكلمة والعقيدة والكرامة والإيثار والإباء والتواضع والرحمة والرأفة حتى بقاتليه.
الحسين الفارس شجاعةً ونبلاً وأخلاقاً وانتماءً وعدلاً وشرفاً.
الحسين غابة الكبرياء والسؤدد، والبطل الذي لاحدود لبطولته ولامعنى لبطولة سواها.
الحسين بداية التاريخ الذي لانهاية له، اذ أن النهايات حتم على البدايات التي تسمى طبيعية ومعتادة في صفحاته المكررة، والتي غالباً ما تتراجع هنا أو هناك ليستأثر بها المنتصرون مادياً ومغتصبوا السلطات.
الحسين غريب بتفرده، وغريب بقداسة دمه، وغريب بين أعدائه ومحبيه معاً.. الحسين غريب لأنه غريب بكل المعاني.
الحسين منتصر لأنه غريب وغربته متعددة، فغربة مكان وغربة اختلاف وغربة تفرد وغربة شعور وغربة نموذج وغربة مقاييس،لقد ادخل الحسين الماضي بالمستقبل، فهو يأتي من المستقبل مثلما جاء من الماضي، وهو يتجدد مع الأزمنة ويكتسب معاني أخرى تناسب المتغير الزمني والتجدد المفاهيمي الذي تعيشه البشرية.
ومن المفاهيم التي كسرها الحسين والغاها، مفهوم الخوف الذي كان سائداً لقرون عديدة قبله لكنه تصاغر فلم يعد سائداً بعده.
الحسين فتحٌ في كل ذلك وفي رمزية الأفكار والعقائد والأشخاص والحوادث، وقد خرج من الديني إلى الأسطوري بكل المعارف الإنسانية، ولم يعد مجرد شهيد في عرف ديانة واحدة أو أمة واحدة أو ثورة واحدة. لقد وقف الحسين لحظة وقف، فأوقف الدنيا فاغرة فاها له منتصراً وغريباً.
السلام عليك يا امام الشهادة.