نرمين المفتي/
رجل الأعمال الأرمني “كولبانكيان” حمل لقبا تأريخيا ( Mr Five Precent ) أو السيد 5 % لانه كان يأخذ نسبة 5 % من الشركات العاملة في حقول نفط الشرق الأوسط التي ساعد على تأسيسها وبرمجة أعمالها منذ بدايات القرن الماضي، وكان معروفا باعماله الخيرية فقد اهدت مؤسسته للعراق ملعب الشعب الذي لا نملك ملعبا غيره منذ افتتاحه في 1966 وكذلك قاعة كولبانكيان للفن الحديث وساهمت بانشاء مدينة الطب، وكولبانكيان شخصيا أهدى السياسيين العراقيين ما بعد نيسان 2003 برغم انه توفى في 1955 مصطلحا يعتقدون انه ينقذهم من محاسبة الشعب والتأريخ وهو (الخط الأحمر)، اذ كان أول من رسم خطا أحمر لتوضيح حدود شركات النفط العاملة في الحقول. منذ نيسان 2003 يكاد لا يمر يوم من دون ان نسمع تصريحا يهدد ان القضية، اية قضية، خط أحمر لا يمكن تجاوزه.. ويبدو ان هذه الخطوط الحمر كلام ليل حتى ان كان التصريح نهارا.. أو خطوط وهمية وربما خط بأحمر الأقلام الخشبية التي من السهولة الغاؤها بمساحة صغيرة.. كولبانكيان بالخمسة بالمائة ترك شواخص معمارية وفنية وخدمية في غالبية دول الشرق الأوسط، والحكومات العراقية المتعاقبة بعد نيسان 2003 تتقدم الى الخلف برغم ان سعر برميل النفط وصل الى اسعار خيالية، الا ان الايراد الهائل لم ينتج سوى فساد لا نظير له في تأريخ العراق الحديث والقديم. وآخر التصريحات المتجملة بالخط الأحمر كانت تلك الخاصة برواتب الموظفين والمتقاعدين التي بدأت تواجه الضرائب والقطوعات والتأخير بشكل تجاوز الخط الأحمر، وتساءلت في مقال سابق، برغم علمي المسبق بعدم الحصول على الجواب، ان الضرائب تدفع ازاء خدمات عامة، ما هي الخدمات التي ستوفر للعراقي الدافع للضريبة وأول الغيث قطر انهمر بالغاء الرعاية الصحية المجانية.
اتفق جدا ان عدد الموظفين في العراق كبير وبينهم عدد كبير من الدرجات الخاصة ووكلاء الوزارات والمستشارين والمدراء العامين لا يتناسب مع عدد السكان، ولا يوجد مثل هذا العدد في اية دولة أخرى نفوسها اضعاف النفوس العراقية، فساد من نوع آخر، المحاصصة المقيتة والتعيينات العشوائية لاجل كسب اصوات الناخبين ومن جهة أخرى البطالة التي تسبب بها اهمال القطاعين الزراعي والصناعي.. العام والمساهم والخاص، اشكالات لا حل لها نتجت عن الفساد المالي والتخبط الاداري.. وان اصبحنا لا نؤمن بالخط الأحمر، لكننا نصرخ ان الوضع تخطى الأحمر واين انت يا كولبانكيان، اصبحنا بحاجة الى خدمات السيد 5 % بعد ان عجزنا عن كسب عطف السادة 100 %.