السِّمْع

جمعة اللامي/
“ومِنْ خبث النتاج ابْنُ المذكَّرة من النساء، والمؤنَّث من الرجال،
يكون أخبث نتاجاً من البغْل، وأفْسد أعراقاً من السِّمْع”
(الإمام البيهقي)

يصف المحققون الثقات المعتبرون من العرب والمسلمين، إبراهيم بن محمد البيهقي، الإمام الحجة في اختصاصه، بأنه من فضلاء السلف الصالح، خصوصاً ما تعلق الأمر بالحديث الشريف، وتقويم أخبار الرجال، وذكر محاسن البشر، والجنة، والحيوان، ومساوئهم.
وهو، أي الإمام البيهقي، رحمه الله، لشدة تحريه عن الحقيقة، ولكي يكون شاهداً ثَبْتاً، يبدأ نصه في الإخبار عن شيء ما، أو حادثة ما، أو مخلوق ما، بقوله: “ذكروا، أو زعموا”.
وحول هذا “السِّمْع” الذي عنونت باسمه مقال اليوم، يقول إبراهيم بن محمد البيهقي: “وزعموا أنه يخرج من الذئب والضبع، ولد يسمى: (السِّمْع)، كالحيّة، لا يعرف العلل، ولا يموت إلا بعرض يعرض له، وأنه أشدُّ عَدْواً، وأسرع من الريح.”
ومن لطائف الإمام البيهقي، قوله في الملك “جُرْهم”، إنه، أي البيهقي، يقول إن العرب ذكروا “أن جُرْهمَ من نتاج الملائكة وبنات آدم، وأن الملاك من الملائكة كان إذا عصى ربه في السماء، أهبطه إلى الأرض في صورة رجل.. إلخ.”
وكم يتمنى غريب المتروك، وأبوعلي الماجدي، أن يعود بعض الذين يتصدّون للشأن العام، خصوصاً في الإعلام العربي، إلى ما كتبه الإمام البيهقي، لأن في مروياته ملامح كثير من رجالات هذه الأيام ونسائها.
والسِّمْع أحدهم.
ولقد حدثني أحدهم أنه عجز عن مقابلة زميل سابق له، احتل منصباً جديداً بين ليلة وضحاها، يقول: طلبته على رقم هاتفه، فلم أجده، وتحدثت مع حرمه في المنزل، فقالت السيدة إنه لا يزور هذا البيت إلا لماماً.
وقصدت ناديه، يقول الرجل، وسألت عن خبره، فقال لي أحد الحجاب: إن صاحبك في مختصر من النادي الجديد.
والنادي الجديد هذا، ملتقى النخبة، فلا يدخله إلا من رضي عنه سيد هذه النخبة. وعبثاً ذهبت محاولات صاحبنا هناك وهنا. لكن رجلاً من هؤلاء الذين نراهم في شوارعنا شبه مجانين، قال له: إنه يسهر الليل في غواصة، ويختبئ داخل مقصورة طائرة نفاثة خاصة ،…. نهاراً.
بعدما سمع الماجدي بحكاية هذا السِّمْع، رفع سماعة الهاتف وقال لي: أعوذ بالله من دار فيها ظلٌّ للسِّمْع.