حليم سلمان
ظل مصنع أدوية سامراء راسخاً في الأذهان، بل تعدى الأمر إلى أن يُطلب من الصيدلية، الدواء بعلامة أدوية سامراء. ولم نشهد خلال عقود من الزمن أن يظهر مصنع آخر للأدوية بحجم وسمعة (سامراء) الذي تأسس العام 1965.
اليوم نشهد، ومنذ تشكيل الحكومة الحالية، تركيزاً على توطين الصناعة الدوائية في العراق، ضمن مقاربة متكاملة تشمل الاستثمار في البنية التحتية، وتحسين التشريعات، فصلاً عن تطوير المهارات المحلية، وتعزيز التعاون الدولي.
ضمن هذا التوجه، افتتح رئيس الحكومة مصنعين للمضادات الحيوية (السيفالوسبورينات)، والأدوية المثبطة للمناعة، وهما من مشاريع القطاع الخاص، ضمن برنامج توطين الصناعات الدوائية في العراق، الذي تبنته الحكومة في أولويات برنامجها.
وبطبيعة الحال، فإن الصناعة الدوائية في العراق تواجه تحديات وفرصاً كبيرة، ومن هذه التحديات، البنية التحتية والاعتماد على الاستيراد والفساد والتهريب ونقص الكفاءات المتخصصة في مجال التصنيع الدوائي وإدارة الجودة في الصناعة المحلية.
بناء على هذه التحديات، عززت الحكومة ثقافة الإنتاج المحلي للأدوية من خلال تقديم تسهيلات للمستثمرين وتخفيض الضرائب على المواد الخام المستخدمة في التصنيع، وكذلك تشجيع الشركات الأجنبية على الاستثمار في القطاع الدوائي العراقي. وعلى الرغم من أن الاستثمارات لاتزال محدودة، بالنظر إلى النمو في الطلب على الأدوية والتحديات الصحية التي يواجهها العراق، فإن من المتوقع أن تستمر الحاجة إلى تطوير القطاع الدوائي، وإذا تمت معالجة التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والتمويل، يمكن أن تصبح الصناعة الدوائية المحلية عنصراً مهماً في تحسين الأمن الصحي والاقتصادي للعراق، وهذا يتطلب خطة تشمل، الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا، وتحديث المصانع، لتتماشى مع المعايير العالمية تكنولوجياً في عمليات التصنيع، والعمل على نقل التكنولوجيا، وتشجيع التعاون مع الشركات الدوائية العالمية لجلب التكنولوجيا المتطورة إلى العراق من خلال شراكات أو تراخيص تصنيع.
كما لا يبقى بعيداً تطوير المهارات والكفاءات عن مبادئ المشروع، ذلك أن إنشاء برامج تدريبية متخصصة للعاملين في القطاع الدوائي يعزز مهاراتهم في التصنيع والجودة والبحث والتطوير والتعاون مع الجامعات والمعاهد لتقديم شهادات ودورات تدريبية متقدمة في هذا المجال، إلى جانب إدارة الجودة وتدريب متخصصين لضمان أن تكون المنتجات الدوائية المصنعة محلياً مطابقة للمعايير الدولية، ما يعزز الثقة في المنتجات المحلية.
الأخبار السعيدة، وحسب مصدر حكومي: أن “تلك المصانع (قيد الإنشاء) ستوفر قريباً جميع الأدوية السرطانية في العراق بالاتفاق مع شركات عالمية رصينة، بحيث يصل العراق إلى 80 % من الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدوائية خلال 6 سنوات، إذا ما استمر على هذه الوتيرة الصناعية المهمة.”
الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة مفرحة، لكن يبقى ألا تتأخر الحكومات المقبلة في عملية هذا البناء، وأن تسير بوتيرة تصاعدية لتأمين الأمن الدوائي وتوفير البنية الأساسية لضمان صحي كامل في العراق.