جمعة اللامي /
“الضَّلال هو وحده الذي يقود إلى الشّر ، والإنسان لا يضلّ مما لا يعرفه،
وإنما مما يظن أنه يعرفه”
(روسو)
قصدت – وبإصرار- إلى تسجيل هذا المجتزأ غير القصير، في ثريا نصّ هذا العدد من “ذاكرة المستقبل”، لأن مضمونه يتعلق بنا، نحن عمّال الثقافة والإعلام، ولا أقول سدنة الفكر والعلوم الإنسانية أيضاً.
أقول بهذا، لأن “ذاكرة المستقبل” تطرح واحداً، بل أسوأ ما فينا، حين يتعلق الأمر بالفساد: فساد الضمير، وفساد الاخلاق، وفساد الطويّات الإنسانية الطبيعية، عندما يراد للإنسان أن يتخلى عن أخلاقه ونظافته الروحية، ويتحول إلى مزوّر، وكذاب، مع نفسه أولاً، وبنفسه أولاً أيضاً، وعلى الناس، ليس آخراً.
الصحافي الألماني بمجلة “شبيغل” الشهيرة، المدعو: كلاس ريلوتيوس، هو أسوأ صورة، من بين صور أخرى، بشعة وكريهة، في فساد الضمير والأخلاق والسريرة. وأتصور أن الكاتب الفرنسي أبيل آرمان في نصّه الشهير: “البرجوازي” كان يشير إلى نماذج ريلوتيوس، حتى العرب منهم، حين قال ذات يوم: “لا ادري ما يمكن أن يكون ضمير النذل، ولكنني أدري ما ضمير الشخص النزيه الصادق: إنه مخيف”!
سأعود إلى النزيه.
ولكن ضمير النذل، لاسيما عندما يكون صاحبه صحافياً، او كاتباً، او فناناً، فإنه يقترف جريمة بحق وطنه، قبل أن يسيء إلى نفسه، وهذا ما اقترفه كلاس ريلوتيوس بحق منارات الفكر والشعر والموسيقا في ألمانيا، لأنه اقترف جرائم ضمير وكذب بحق عشرات الرجال والنساء الذين زوّر أسماءهم، وكذب عليهم، فتحدث بأسمائهم من دون علمهم، ونال جوائز عالمية في مجال الصحافة الاستقصائية، منها ما كان في شأن أطفال من سورية واليمن.
قبل أن ينتهي العام 2018، وقع ريلوتيوس في مصيدة “الضمير المخيف” الذي أشار إليه الفرنسي آرمان، في شخص أحد أصدقائه وزملائه في “شبيغل” ذاتها، هو : خوان مورينو. لقد فضح هذا الأخير، خيانات صديقه في “عمل استقصائي” أدى إلى هذه الفضيحة التي هزت الإعلام الأوروبي.
هذا هو النزيه: خوان مورينو.
وفي غير ألمانيا كثير من “نماذجه المخيفة”، وآن لهم ان يتكلموا .. !