عصام كشيش /
تصرعني الذكريات وتعبث وتتلاعب بي كما طفلة صغيرة تركها أهلها في موعد فرح لوحدها في البيت.
ماذا أكتب عنكِ وأنتِ من جذور الرومانسية الناعمة والدلال والدلع والغنج .
ماذا أكتب عنكِ وأنتِ من تقاسيم الجسد السومري العجيب والممشوق من ملحمة الهوس الجمالي ومن بقايا عسل الأرض.
أنتِ التي فقدتكِ وأطمح أن أراكِ وألتحم بكِ من جديد بكل هوسي وجنوني وانفعالي اللا محسوب.
أنتِ التي تصبح الكلمات أمامها بضاعة بخسة فلا هي تنقذني من وصفكِ المحبب لي ولا هي تفي حقكِ يا حبيبتي.
تصرعني الذكريات وأنا أستمع إلى الأغنية التي جمعتنا معاً ورددناها معاً أو قولي الكم الهائل من الأغاني التي ربطناها بذواتنا وقصصنا وجنوننا وعبثنا فكلما سمعت أغنية لنا حاولت الهرب منها إليها وتذكرت لعبتنا القديمة.
هل تذكرين لعبتنا القديمة في اسطنبول؟
هل تذكرين حين هممت بالخروج من ذلك الفندق لغرض التسوق ورفضتِ المجيء معي؟
ربما أنتِ أول وآخر امرأة ترفض التسوق كما أنتِ أول وآخر امرأة تشعل مشاعري وجسدي المنهك من سفر المحطات.
حينها خرجت لوحدي وعندما عدت سألتني: كيف كان مشوارك؟ فاجبتكِ: كما وجهكِ، فغصصتِ بالضحك وقلتِ إذن كان حلواً وجميلاً فأزدت أنا وصفكِ وقلت ورشيقاً وأنيقاً.
وجدتكِ خارجة من حمام بخاري وقطرات الماء فرحة جداً كونها تتناثر على جسدك الطري والناعم وأنتِ تجلسين على نافذتنا المطلة على البحر وتحديداً على مضيق البسفور.
وقتها خفت عليكِ من هواء عابر أو نظرة خفية من أحد النوافذ المطلة علينا فما زالت شرقيتي التي تحبينها تحتل كياني ووجودي وحينها دعوتني إلى لعبة الأغاني.
هيا نسمع أغنية ونرددها بالتتابع تغنين أنت مقطعاً وأغني أنا المقطع التالي ومن يخطئ يدفع قبال ذلك قبلة طويلة.
كنت متيقناً جداً أنني الرابح الأكبر في العالم كوني أتعمد الخطأ اللذيذ الذي يجني عشرات القبلات من فمك المستدير المجنون.
اليوم وبسفر عاجل ومفاجئ أعود إلى اسطنبول وحيداً وإلى نفس الفندق ونفس الغرفة التي مارسنا فيها لعبة الأغاني والقبل أذرف الدموع وحدي وأعاني الغربة المزدوجة وحدي وأنتِ في مكان آخر من هذا العالم.
العالم الذي كان جميلاً.