د.علي الشلاه/
يجتهد الكثير من مثقفينا وسياسينا العرب في الحديث عن عدم وجود خارطة جديدة للمنطقة بالمعنى الجغرافي وان هذه التغيرات الحاصلة انما هي تغيرات في السلطة وادواتها وتحدراتها الطائفية والاثنية، والحقيقة اذا اردنا التسليم بهذا فقط فهو تغيير جذري عميق يعطينا دولا جديدة بلباس شكلي قديم فليبيا المحتفظة بحدود السنوسي اليوم ليست ليبيا السنوسي ولا ليبيا القذافي ويصدق الامر على اغلب الدول العربية بما فيها العراق.
واذا كانت الدول العربية في الخليج تجد نفسها بمنأى عن التغييرات الحاصلة فذلك لان حجمها واموالها قد جنباها هذا الخيار آنياً وهي مقصودة بالعمق مستقبلا، ولذا فان على الراغبين بها بالبقاء ان يتذكروا تغيير المضمون في الدول العربية الكبرى مع بقاء الشكل القديم ويطبقوا ذلك في دولهم والتكيف مع دول المنطقة الاخرى مثلما هي في الواقع وليس من خلال ما يتوهمه او يتصوره الساسة ومستشاروهم في الخليج.
ان الاقتراب السعودي نحو مصر غير كافٍ بوصفه التقاء مصالح بل ينبغي للسياسة السعودية ان تقترب من وسطية السياسة المصرية وليس العكس الان مصر بوصفها الشقيقة الكبرى لا تستطيع ان تبتعد عن وسطيتها وقبولها لكل العرب وإلا تعرضت زعامتها للجامعة العربية الى الانهيار، ومن هنا لاينبغي ان تحاول السعودية او غيرها الاستفراد بمصر لان ذلك سيسئ الى الدور المصري المقبول عربيا وسيقلل من الاهمية الاقليمية لها وهو ما تحاول السعودية الاستفادة منه في ظل رأي محلي ودولي ناقد للأداء المتطرف لها في سوريا واليمن اذا ما سلمنا بأن العراق قد عبر مرحلة الخطر.
ان الجسور العابرة للمياه ينبغي ان تؤسس على جسور عابرة للاحقاد والتكفير والطائفية وذلك امتحان العرب العسير اليوم بعد الخريف العربي.