نرمين المفتي /
بدءاً نؤكد أن أغلبية العراقيين مع قرار رئيس الوزراء بمواجهة الفساد، والأقلية التي ستقاوم تنفيذ القرار هم الفاسدون ومن يتعاون معهم ويرتشي منهم ويعيش على فتات موائدهم. سبق أن كتبت في الفساد، الإرهاب الداخلي الأشد ضرراً، وقلت تستطيع عيون محققي النزاهة أن تكون وثيقة، وأعطيت مثلاً في آلاف المدارس التي هدمت بذريعة إعمارها وبقيت مهدومة كما هي منذ سنوات، ما أضر كثيراً بالعملية التربوية.
إن أساس نجاح العبادي في قضية الاستفتاء غير الشرعي كان في لجوئه إلى تفكيك هذه القضية الشائكة حلقةً بعد أخرى وصولاً لضربته الأخيرة.
إن الفساد لا يختلف عن أية قضية أخرى استهدفت وتستهدف استقرار العراق، وهو يختبئ خلف مسميات و عناوين كثيرة، وتبدأ مواجهته بتفكيك حلقاته.
إن الحيتان الكبيرة لم تترك مجالاً تستطيع أن تغرف منه على حساب المواطن والبلد.
ولابد، مع تفكيك الفساد، من تطبيق صارم للقوانين، بدءاً من قوانين المرور واحترام الشارع.
أحد مظاهر الفساد الذي يسهم في ازدياد عدد العاطلين من جهة وتخريج جيوش من أنصاف المؤهلين علمياً، يكمن في هذا الكم الهائل من الجامعات الأهلية. لابد من مراجعة لشروط منح الإجازات والتأكد من أهدافها وما هي حاجة البلد من هذا الاختصاص أو ذاك. في إعلان عن جامعة جديدة، فإن معدل القبول في التربية والمحاسبة والاقتصاد والمسرح هو (٥٠) درجة! والقانون (٥٣.٥) والتحليلات المرضية (٥٦)! لم يكن في الإعلان أن على الطالب النجاح في الاختبار الذي سيكون عاملاً في غض النظر عن المعدل. إن أصحاب مثل هكذا جامعات لا يهمهم مستقبل الطالب، لكن ذلك يسهم بتدني مستوى المدارس، خاصة أن دراسة طب الأسنان ممكنة بمعدل (٨٣) أو حاجة البلد، إنما تهمهم الأموال التي يجنوها. ولا أريد الإشارة إلى ما نسمعه عن كيفية النجاح في هذه الجامعات، لأنني لا أملك دليلاً، وإن كانت هناك قطعاً استثناءات تحاول المحافظة على جودة الدراسة وسمعة الشهادة. إن تخريب التعليم والاستهانة بالشهادة لا يختلف عن نهب المال العام والتلكؤ في تنفيذ المشاريع وتنفيذ أجندات خارجية، كلها أشكال فساد تؤدي إلى النتيجة نفسها و هي استمرار الوضع غير المستقر واستمرار ارتفاع نسبة الفقر وما تحت خط الفقر وتعثر التنمية وعدم تطبيق القوانين. لابد من مواجهة الفساد ولابد أن تنتصر الأغلبية على أقلية لم تعرف الشبع على مدى أربع عشرة سنة.