دلال جويد/
تطلق أحيانا عبارة “ فلان صاير كشكولي” على الأشخاص الذين يتظارفون أو يحاولون إضحاك الآخرين بالنكتة أو الحركة أو التصرف. وكشكول في المعاجم تعني الوعاء الذي يجمع به المتسول أموال الصدقات، ثم انتقلت إلى دفتر الملاحظات التي تدون فيه المعلومات المختلفة التي تهم صاحبها، وربما انتقلت التسمية لتعبر عن الطرافة والظرف كون الشخص الكشكولي يمتلك معلومات متنوعة وطرفا مختلفة تجعله قادرًا على الخوض في موضوعات مختلفة وتحويلها الى مادة للضحك والمرح.
والكشكولي شخص يتبنى مهمة تبدو ممتعة جداً وهي إضحاك الآخرين ونشر جو المرح بينهم، ولكنها ليست مهمة سهلة أو ساذجة، فهي تحتاج الى ذكاء اجتماعي عال، وإلى سرعة بديهة وقدرة على تطويع الأحداث والمواقف لتكون مادة مضحكة عن طريق روايتها أو تمثيلها أو حتى تقليدها صوتيا. ومع ذلك فلم يعد الكشكولي موجودا في التجمعات العائلية أو لقاءات الأصدقاء فقط، اذ يمكن أن نقرأ لعشرات الأشخاص الذين يهتمون باضحاك الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمين وسائل شتى منها الصور والتسجيلات المرئية والصوتية وكذلك تقنيات الفوتوشوب وأفلام الانميشن.
ولا يمكن إنكار ان الفضاء الالكتروني حرر المئات من المواهب الدفينة التي لم تستطع ان تجد فرصتها عبر وسائل الاعلام التقليدية، ولا حتى في مجتمعها نتيجة قوانين المجتمع الصارمة أو الخجل الذي يمنع المرء من التعبير بسلاسة وقوة.
ونظرة عامة على صفحات الفكاهة وأصحابها يمكن ان تكشف لنا قدرا كبيرا من العنصرية والتجني والتسطيح حتى للفكرة العظيمة والموقف المبدئي، فبعض الفكهين هم أدوات لجهات سياسية تعمل على تسقيط الآخر بالسخرية منه وتسفيه أفكاره والاساءة اليه بطريقة تقلل من شأنه وشأن قضيته، بينما نجد من يكرّسون صفحاتهم للسخرية والضحك من شعوب أو شريحة اجتماعية بأكملها مستغلين العنصرية العرقية من اللون أو الشكل أو الأزياء تكريسا للمناطقية أو الاختلاف المذهبي أو التناحر الطائفي، وهي بالتأكيد وسائل إعلامية قاسية يستخدمها كثيرون بخبث ويتبعها كثيرون بجهل.