المثقف مواطناً فيسبوكياً

 سعد جاسم/

من المؤكد أن للفيسبوك خطابه وأهدافه وغاياته التي وجِدَ من أجلها؛ كما إن هذا الفيسبوك قد تمّ ابتكاره وإنشاؤه ليكون فضاء للتواصل الاجتماعي أولاً.. وثانياً ونتيجة لوجود الكثير من الأدباء والفنانين والمثقفين والمثقفات فيه؛ فقد أصبح فضاءً ثقافياً لنشر النتاجات الأدبية والفنية والفكرية وغيرها؛ حتى أن المثقف ولكثرة تواجده وتعاطيه الفيسبوك أصبح مواطناً فيسبوكياً بإمتياز.
ومن المؤكد أيضاً ان الفيسبوك ونتيجة لتواجد هذه الحشود الكبيرة من المثقفين والمثقفات فيه فقد صار أشبه بـ (بروجكتر) ومصدر لتسليط الأضواء على المثقفين والمثقفات بكلّ أبعاد شخصياتهم وسلوكياتهم وأمزجتهم ونزعاتهم الإيجابية والسلبية والإبداعية منها. وأنا شخصياً أنظر إلى قضية العيوب التي يمكن أن تلحق أو تصيب المثقف بحكم وجوده في الفيسبوك؛ أنظر لها نظرة محايدة ومنفتحة وحضارية؛ حيث أن الأمر كله يرجع لقدرة وفهم ووعي المثقف في كيفية تعاطيه مع هذا العالم الشاسع والعجائبي الذي يشبه الحياة بكل أبعادها وتفاصيلها؛ كما أرى أن بإمكان المثقف أن يجعل من الفيسبوك فردوساً للحب والإبداع والجمال أو جحيماً للمشاكل والمعارك والخصومات والكراهية. أما بخصوص تحسس المثقفات من الحديث معهن عبر الخاصّ؛ فأرى أن هذه المسألة نسبية؛ حيث إن هناك الكثير من الصديقات والزميلات المثقفات لا يبدين أي تردد ولا يشعرن بأيّ حرج أو ضير من التحاور مع أصدقائهن وزملائهن ومعارفهن من خلال (الخاص) وهناك مثقفات أخريات يجدن هذا الأمر معيباً ومخجلاً ومدعاة لحدوث الكثير من المشاكل مع الآخرين؛ وهنّ حرات في نظرتهن هذه؛ وأنا أشك أن هناك مثقفة لاتمارس التحاور عبر الخاص (وما أدراك ما الخاصّ؟)؛ لأنني وبحكم تجربتي المبكرة في التعامل مع الفيسبوك؛ فقد وجدت إن البعض، خاصة من المثقفات يكتبن على صدور صفحاتهن (الخاص مغلق أو ممنوع) ولكنْ في حقيقة الأمر فهنّ أول من يبادرن بفتح الحوارات مع الآخرين؛ ولا أنفي أن بعضهنّ يخفن من مشاكل وتركات هذه الحوارات؛ والبعض الآخر منهن محكومات بظروف اجتماعية صعبة وقاسية تحول دون استخدامهن للخاص؛ وهناك من لديهن وجهات نظرهن الخاصة في هذا الشأن وبعضهن قد يكنّ خاضعات لأعراف وتقاليد دينية وعشائرية؛ وهذا أمر هنّ أدرى بأبعاده ودوافعه وعواقبه الخفيّة.