ياسر المتولي /
أطلق المجلس الأعلى للشباب مبادرة (المساحة الاقتصادية الآمنة للشباب)، والمقترح مقرون بموافقة رئيس مجلس الوزراء بوصفه رئيس المجلس المذكور. هذه المفردة لم نجدها في قاموس المصطلحات الاقتصادية. معنى ذلك أنها مصطلح حديث يراد به إضافة نوعية لإبراز أهمية الشباب في التنمية الاقتصادية، وفرصة لتحفيز قدراتهم وتطلعاتهم بهذا الخصوص. إن حاضنات الأعمال مؤسسات تبناها القطاع الخاص في التجارب العالمية، تهدف إلى اكتشاف وتطوير المهارات الشبابية التي تحتاجها الشركات العالمية لضخ دماء جديدة إلى عناصرها، لتتكيف مع المتغيرات والتطورات المتسارعة حول العالم. وتأتي مبادرة رئيس الوزراء هذه لدعم هذه التوجه ورسم خريطة طريق نحو اعتماد حاضنات الأعمال للأغراض والأهداف المنوه عنها أعلاه.
مما لا شك فيه أن الدول التي حققت نجاحات كبيرة من مخرجات حاضنات الأعمال، دفعتها للاهتمام بهذه الجوانب ضمن خططها السنوية. وعلى ما يبدو أن الحكومة أدركت أهمية هذا الجانب، وتسعى لترسيخ قواعده وأسسه لإعداد شباب مقتدر على إدارة دفة النشاطات الاقتصادية في البلد مستقبلاً.
لقد أكدتُ في عديد مقالاتي الاقتصادية ضرورة تشجيع الشباب على ريادة الأعمال، وعدم الاعتماد على الدولة في خلق واقتناص فرص عمل تليق بهم وبقدراتهم. لذلك قد تكون مبادرة تخصيص مساحات اقتصادية آمنة للشباب وسيلة مضافة لتشجيعهم، وأقصد الشباب، على ولوج ريادة الأعمال ومغادرة ثقافة التعويل على وظائف الدولة التي باتت غير قادرة على استيعاب العاطلين. كما أن تطور مفهوم الوظائف الجديدة (وظائف المستقبل)، نتيجة المتغيرات العالمية نحو الاقتصاد الرقمي وتحديات التطور التكنولوجي الجدية في الثورة التكنولوجية الرابعة، التي تعتمد على الربوتات، قد فرضت واقعاً جديداً وتوجهات تختلف تماماً عما مضى من وظائف تقليدية لم تبق قيمة لها.
إدراك المجلس الأعلى للشباب لهذه الحقائق دفع به للتفكير ملياً بمواجهة تحديات المستقبل، وعليه فالمطلوب من حاضنة الأعمال التركيز على برامج وظائف المستقبل ومتطلباتها، ومن ثم إعداد الجيل القادر على إدارة الوظائف الجديدة، مع العلم أن قدرات شباب العراق معروفة للعالم بمدى قدرتها على التكيف مع التطورات وهضمها بسرعة. لذا لابد من أن تتحول المبادرة الحكومية هذه في تحديد مساحات اقتصادية إلى القطاع الخاص، لأنه هو المعني، بعد أن وضعت أسس البناء الصحيح لها.
وهنا لا يفوتني ان أشير إلى تجارب ناجحة قد بادر القطاع الخاص بها في مجال احتضان رواد الأعمال وتشجيعهم على ريادة الأعمال، مثل تجربة مؤسسة المحطة، باعتبارها أولى المبادرات التي قدمها القطاع الخاص، وأسهمت في إعداد ملاكات فنية مؤهلة لخوض تجارب الأعمال الخاصة ونجحت في ذلك. وقد كانت توجهات السوداني قد توجت هذه الجهود وهيأت أرضية صالحة لها بإطلاق مبادرة ريادة لدعم الشباب، وكانت أساساً لانبثاق تجربة المساحات الاقتصادية الآمنة، بعد تحقيقها نجاحات كبيرة في مجال الابتكارات الشبابية التي أخذت طريقها في سوق العمل العراقية. أضف الى ذلك مبادرة البنك المركزي بإنشاء بنك ريادة، التي تعد إضافة نوعية لتعزيز توجهات الحكومة نحو خدمة الشباب الصاعد وأمل البلاد في بنائه.
المطلوب الآن من المجلس الأعلى للشباب تركيز الإعلام الاقتصادي الهادف لتشجيع الشباب على هذا التوجه الصحيح، ولسد الطريق على العصي التي تحاول تعطيل عجلة التطور بحجج واهية.