محمد عبد الجبار الشبوط
يؤكد نموذج الدولة الحضارية الحديثة أن أي مشروع تنموي يبقى ناقصاً ما لم ينطلق من منظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري وعناصره الخمسة.
تتعلق هذه الفكرة بأهمية الانطلاق من منظومة القيم العليا في أي مشروع تنموي لضمان نجاحه وكماله. يتطلب هذا الفهم والاحترام للعناصر الخمسة المحورية التي تشكل المركب الحضاري لأي مجتمع، وهي: الإنسان، الأرض، الزمن، العلم، والعمل.
يعد الإنسان العنصر الأهم في أي مشروع تنموي، فهو المحرك والمستفيد الرئيس من هذه المشاريع. من هنا، يجب أن تُبنى المشاريع بطريقة تضمن تعزيز حقوق الفرد، وتحسين مستوى معيشته، وتوفير الفرص للنمو الذاتي والتطور المهني.
وتشكل الأرض المورد المادي الأساس الذي ينطلق منه أي مشروع تنموي. تتعدد أوجه الاستفادة من الأرض، سواء كانت زراعية أو صناعية أو ترفيهية. يجب أن تُدار الموارد الطبيعية بحكمة لضمان الاستدامة والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.
أما الزمن فهو عنصر حاسم في تحقيق التنمية المستدامة. المشاريع التنموية الناجحة هي تلك التي تستشرف المستقبل وتضع خططًا طويلة الأمد مع القدرة على التكيف مع المستجدات. إدارة الزمن بفعالية تساعد على تحقيق الأهداف التنموية في الوقت المناسب دون تأخير أو تسرع.
العلم والمعرفة هما القاعدة التي يبنى عليها أي مشروع تنموي ناجح. يجب على المشاريع أن تستند إلى البحث والابتكار لتحسين العمليات وزيادة الكفاءة والإنتاجية. يعد العلم الوسيلة لتحقيق التقدم التقني والاجتماعي.
وأخيراً يعد العمل الجاد والمثابرة الجوهر الذي يقود المشاريع التنموية نحو النجاح. يجب أن ترتبط المشاريع بخلق فرص عمل وتحسين الظروف العملية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الرفاه الاجتماعي.
الخلاصة أن الدمج بين هذه العناصر الخمسة، في إطار قيم حضارية سامية، يعزز من نجاح المشاريع التنموية. الالتزام بالقيم الإيجابية، مثل العدالة والاحترام والمساءلة، يسهم في خلق بيئة تنموية قوية ومستدامة. المشاريع التي تهمل هذه القيم والعناصر قد تحقق مكاسب مؤقتة، لكنها تفشل في تحقيق الأثر الطويل الأمد الذي يسعى إليه المجتمع. يجب أن يكون الهدف الأسمى لتلك المشاريع هو خلق توازن وتناغم بين الإنسان والأرض والزمن والعلم والعمل لتحقيق نهضة حضارية شاملة.