المغردون لـ «داعش»

اياد عطية الخالدي/

تعيد التغريدات التي يكتبها اعلاميون ومثقفون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما اولئك الذين يحظون بشهرة ومتابعة كبيرة لمنشوراتهم ، دور هذه الوسائل في التحريض وتوجيه الرأي العام، لا بل خداعه تحت ذريعة الطائفية التي تسد أفق ممن يقدمون انفسهم كمفكرين وخبراء استراتيجيين واعلاميين يفترض ان ينحازوا الى الحقيقة، خاصة عندما تكون ساطعة كما هو الحال في معركة الموصل.

واذا كان الاعلامي أو المثقف والمفكر خارج أطر المحاسبة القانونية التي تلزم بها وسائل الاعلام كونه على مواقع التواصل التي من السهولة الافلات من روادعها القانونية، فأنه ينبغي ان يضع ضميره المهني تحت السلطة المهنية والمسؤولية الأخلاقية، ومن دونهما فأنه من الأفضل له ان يخلع جلباب الثقافة والفكر ليرتدي بدلا عنهما جلباب السياسة أو حزام الارهابي الناسف.

ودون الدخول في تفاصيل أسماء عرفها الجمهور في برامج على فضائيات لها جمهورها، فؤجنا بأن بعضا من هؤلاء يقدمون معركة الموصل على انها معركة طائفة ضد أخرى، وهم لايشعرون بالخجل من اعتبار تنظيم “داعش” تنظيما ينتسب الى طائفة محددة هي أبعد من أفعاله الشنيعة وأن هزيمته انما تمثل هزيمة للطائفة .

ولايخفي هؤلاء قلقهم من هزيمة تنظيم مارق لم يجلب للناس بكل طوائفهم ومعتقداتهم سوى الوحشية والخراب، ولم يعامل الطائفة السنية خارج منظومته، الا بذات الوحشية مضافا اليها الإنتقام من عدم دعمه والوقوف معه، اي ان السنة خارج التنظيم تحملوا وحشية “داعش” مرتين، مرة انهم لم يسلموا من طبيعته الهمجية العدوانية، ومرة انه انتقم منهم لأنهم لم ينضموا الى التنظيم وانهم وفي مختلف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية أثبتوا ان وطنيتهم أعلى بكثير ممن يزعمون انهم «مثقفون واعلاميون”.

ترى ماالذي يقدمه هؤلاء بدفاعهم عن تنظيم وحشي؟ وماالذي قدمه هذا التنظيم لطائفة تبرأت من جرائمه الشنيعة، وتحملت وحشيته ودفعت ثمن جرائمه التي حولت مناطقها الى مدن أشباح، وعلى فرض ان الانحياز الطائفي هو انتصار للطائفة فهل يريد هؤلاء ان تنتصر الطائفة بهذا النوع من الهمجية والتطرف وان تسود العالم العربي رايات “داعش” هل يتحمل هؤلاء “الاعلاميون والمثقفون” العيش تحت حكم التنظيم واستبداده المقيت، إذا كان اناس بسطاء جزعوا العيش تحت حرابه وقوانينه الشاذة عن الطبيعة الانسانية.

كان الأعتقاد السائد ان عدالة معركة الموصل وعراقيتها الساطعة كنور الشمس العراقية يكفيان ليضيئان عتمة الظلام في قلب أشد المتطرفين تشكيكا بهما، وان الحرب التي تخوضها قوات وطنية بكل ما للكلمة من معنى قادرة ان تلجم أفواه المناصرين “لـ»داعش» أو المخدوعين به وبأفكاره، لكنها حقا مفاجأة من العيار الثقيل ان نرى اعلاميين تفتح لهم منابر بطول الأفق وعرضه يعانون من عقدة الطائفية.