حسن العاني/
من يدلني على كلمة أكثر تداولا في جوانب حياتنا المنوعة من كلمة (روتين)؟ فأينما نجيل الطرف نجدها حاضرة، وحضورها دالة إزعاج غالباً مايصل الى حد الإيذاء!
يذهب علماء الاجتماع إلى أن معظم بلدان العالم الثالث تعاني من مشكلة اجتماعية في طبيعة الحياة الزوجية، تتمثل بمظاهر عدة كالانفصال أو الطلاق أو الهجر أو الزعل أو العراك أو النكد أو.. الخ، زيادة على القرف من (علاقات الفراش). ومع أن مثل هذه الأعراض يمكن أن يقف وراءها العامل الاقتصادي مثلاً، أو الثقافي أو البيئي أو التباين الحاد في طبيعة الزوجين، لكن روتين العلاقة الزوجية وسكون الحياة اليومية ورتابتها تقف في مقدمة الأسباب، لأن نمط الأسرة في هذه البلدان بصورة عامة قائم على صيغ محددة وسلوك ثابت، إذ لا يوجد على لائحتها – إلا ما ندر- شيء اسمه سفرات سياحية أو زيارات متبادلة بين الأقارب والأصدقاء، كما تفتقر اللائحة إلى شيء اسمه سينما أو مسرح أو مطعم أو متحف أو حديقة أو متنزه أو نادٍ أو مدينة ألعاب.. كل شيء كما هو، حتى الليالي مستنسخ بعضها من بعض، وكذلك النهارات، فلماذا لا يبلغ الملل حدوده القصوى ويتعداها؟ ولماذا لا تنهار أعظم قصص الحب الحقيقية قبل الزواج؟ ومئة لماذا قابلة للتساؤل..
قد لا يكون (انهيار) الحياة الزوجية وتفاقم نِسَبِ الطلاق وما يتبعها من مشكلات، لا أول لها ولا آخر، هو الوجه الأبرز ظهوراً في مشهد الروتين، لأن هذه المفردة شاعت على المستويين الإداري والوظيفي إلى الحد الذي لا تكاد تذكر فيه كلمة (روتين) حتى تتبادر الى الذهن (دوائر الدولة) وروتينها في عرقلة العمل، ولاسيما في إنجاز معاملات المواطنين. ومتاعب الروتين الإداري لا تكتفي بإيذاء المواطن نفسياً ومادياً، وإنما تخطو خطوة أشد أذىً على اقتصاد البلاد وتطورها، فالكثير من المشاريع الاستثمارية ومشاريع الدولة تعاني من العرقلة الى حد التوقف بسبب (معوقات) الروتين.
هكذا إذن إلى أن زحف هذا الروتين حتى إلى السياسة، ألا تبدو الانتخابات في العراق، ولاسيما تشكيل الحكومة، وكأنها تدور في فلك الروتين؟ فهي تتكرر كل 4 سنوات بالصيغ والأساليب ذاتها بحيث أصابنا الملل، لهذا أقترح أن تجري الانتخابات كل 4 أشهر بدلاً من 4 سنوات، وهذا يعني توفير الآلاف من فرص العمل للعاطلين، أو الاستغناء عن الانتخابات والبرلمان والحكومة بحيث ينام المواطن مرتاح البال قرير العين!!