محسن ابراهيم/
الفن الكوميدي رسالة هادفة ومضحكة في آن واحد، تتخذ من معاناة الشعوب وقضاياها، لتقدم إلى الجمهور بقالب يمزج بين الرُقيّ والبساطة وخفّة الظل. الماضي القريب يذكّرنا كيف نجح أصحاب المدرسة الكوميدية الهادفة في إضحاك الناس من دون أن يلجأوا الى النصوص المبتذلة، والنكات الرخيصة، والإيحاءات الجنسية، الملازمة اليوم لمعظم الأعمال المسرحية الكوميدية التي تحتل خشبات المسارح، وتعكس مشاهد سطحية تخدش الحياء.
الحديث عن المسرح التجاري ليس بجديد وربما أصبح مملاً, وما بين الهموم الإنسانية ومقتضيات الحياة الاجتماعية من جهة، وتقديم فن يرضي الجمهور من جهة أخرى، هناك ما يدفعك للكتابة بين حين وآخر.
ماحفزني هذه المرة هو إعلان تلفزيوني لمسرحية يقال أنها كوميدية, الإنجاز العظيم بتلك المهزلة الكوميدية هو مشاركة الإخوة العرب في تقديم إحدى روائع المسرح؛ والاستقبال والحفاوة الكبيران ونحر الخراف تحت أقدام (سعد الصغير) والراقصة برديس, وتدافع ممثلينا لإبراز مواهبهم في الهز (ودك الاصبعتين). المسرحية مهداة الى الشعب العراقي، هذا ما صرح به (سعد الصغير), نعم لم يبق شيء من هموم الشعب, والترف يضرب أطنابه في مفاصل حياته كافة, ولم يبق له سوى مشاهدة النمرة الأخيرة بملهى ليلي والاستماع الى الآه يا عين.
منذ الوهلة الأولى وحين مشاهدتي لبرومشن المسرحية, خرجت بكمّ وافر من الامتعاض والكثير من التساؤل عن ذلك التحول الشديد والانحدار المؤسف الذي وصل إلى هذا المستوى من الإسفاف المفعم بتصرفات وتعليقات وإيماءات وتلميحات لا يمكن قبولها بأي حال، وتساءلت كيف للمسرح بوصفه منبراً فنياً ثقافياً وإنسانياً أن يلج هذه الطريق المظلمة أخلاقياً؟.
ربما الجواب سيكون هو أن هز الأرداف يوحّد الشعوب!