محسن إبراهيم/
حين كان ظلّنا يسبقنا للوصول لأحد محال التسجيلات طمعاً في الحصول على ماهو جديد في عالم الموسيقى والغناء, كانت تبهرنا تلك الآلة التي يستخدمها صاحب التسجيلات في مغنطة شريط الكاسيت، ليعيد له بعض حيويته, تصدح أصوات المطربين من داخل التسجيلات، وتطلق العنان في زمن الآهات، يأخذنا الخيال مرددين كلمات الأغاني كيفما نشاء بعيداً عن التون الموسيقي, أكثر ماكان يؤرقنا هو كيفية الحصول على شريط كاسيت (بكرة) كي نستنسخ عليه الإصدار الجديد. شريط الكاسيت كان صديقاً في أوقات الفرح والحزن، يوقظ سكون الليل ليكون ونيساً للعاشقين, صديقاً اذا تعرض لسوء لا يمكن الاستغناء عنه، وإنما إسعافه بأي شكل من الأشكال، محاولات الإسعاف الأولية لصق شريانه النابض, قبلة الحياة السحرية بواسطة أحد الأقلام وتحريكه عكس الاتجاه لإعادة الحياة له من جديد. شريط الكاسيت ذاكرة حيّة لدى جيل السبعينات والثمانينات والتسعينات، وربما لا يعرف كثير من أبناء جيل الألفينات هذه الأداة المهمة. وفي بعض الزوايا الخفية، ما زال هناك من يحفظ ذاكرة الشجن في مخيلته أو في مكتبته الخاصة, وبعد أن تكالبت عليه أمم (السي دي) و(ذاكرة الموبايل) مات شريط الكاسيت تدريجياً بعد صراع طويل مع المرض، وبرغم محاولة إبقائه على قيد الحياة وبث الروح فيه بجميع الأشكال، إلا أن جميع المحاولات فشلت واغتيل (شريط الكاسيت) ولم تتبق منه سوى حلاوة الروح، وروائح من الزمن الجميل, تهفو إليه لوعة من يشتاق الى سماع أغنية شرط أن يوفر (بَكرة وقلم)!!