نرمين المفتي /
صديقتي المتقاعدة حاليا، كانت مديرة مدرسة ابتدائية وحاولت كثيراً أن تقنع المعلمات بالتأني حين يدق جرس الدرس الأخير لتعليم الصغار كيفية الخروج من المدرسة بنظام، كان هدفها ان تعلم النظام لساكني المنطقة كلها من خلال تقليد الصغار.
لكنها فشلت، ليس مع التلاميذ والتلميذات، انما مع المعلمات اللاتي كانت غالبيتهن يأخذن حقائب اليد معهن في الدرس الأخير ويهرعن الى البوابة قبل الصغار وبدون انتظام ما أن يدق الجرس.
ولم يكن أمام صديقتي التي تقاعدت في ٢٠١١، إلا أن تقف عند بوابة المدرسة وعلمت الصغار والمعلمات الانتظام والنظام.. وحين تعود وتسأل من تبقى من معلماتها الشابات في المدرسة الملتزمات بالنظام، تشعر بالأسى بسبب أن عددهن لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
تذكرت صديقتي وانا اقرأ في مواقع إخبارية عديدة توجيه وزير التربية بتحقيق فوري بقضية ريماس مصعب الجنابي، تلميذة الابتدائية ذات السنوات السبع، اي هي في الاول الابتدائي والتي اثناء انتهاء الدوام وتدافع الصغار تعثرت بمعلمة كان ردها ان ضربتها بعنف ووحشية، وصورها التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي كانت مفجعة بوجهها المحمر والمتورم..
ليست المرة الاولى التي يتعرض بها تلميذ/ة الى عنف غير مبرر في المدارس العراقية، خاصة الابتدائية منها، الحكومية والأهلية، العقاب ليس ضرباً وحشياً، ولنتذكر تلميذ الابتدائية الذي كسر ساعده وفقد سناً في مدرسة اهلية في بغداد العام الماضي، وإن كان علاج الأذى الجسدي ممكناً لكن الأذى النفسي سيرافق التلميذ طوال عمره، خاصة في ظل غياب الاهتمام الصحي الرسمي بنفسية الصغار. ..
لغاية كتابة هذا المقال، لم نقرأ نتيجة التحقيق العاجل الذي أمر به الوزير قبل أربعة أيام! والمفروض أن تنشر التربية العقوبة التي ستوجه الى المعلمة لتكون رادعاً أمام تصرفات غير تربوية كهذه والتي اذا حدثت في دولة اخرى، فإن الوزير نفسه سيكون محل تحقيق وربما يرغم على الاستقالة وأن حدثت في اليابان، فإن الوزير سوف يستقيل حتى قبل التحقيق.
لابد من اخضاع كوادر الدراسة الابتدائية الى اختبارات نفسية قبل التعيين ولابد من إعادة العمل الفعلي بصفة ( مرشد/ة الصف ) والذي كان، خاصة في الاول الابتدائي، معيناً للتلميذ على تعلم النظام والالتزام به، وهذا أضعف الإيمان.