حاجة من ستين حاجة!

جمعة اللامي /

” ما أقوى شيء؟ الحاجة، لأنها تدفع المرء إلى اقتحام الأهوال”
(الفيلسوف اليوناني: تاليس)

ـــ بارك لي يا صاحبي، فلقد خُطبتُ قبل السحر من يوم أمس الأول!
أرسل إليّ نظرة متشكك، وقال:
ـــ أنا صائم يا صديقي، ولولا ذلك، لقلت عنك أشياء من أشياء، وليس شيئاً من أشياء!
وحين حاولت أن أعترض، رفع سبابته في وجهي، وقال: ـــ يا دردبيس، من هي هذه المسكينة التي تريد أن تمضي بقية عمرها معك في حديث عن الوفاء والصدق والمروءة والصمت والكتاب؟
قلت: غريب، اسمح لي أن أوضح ما هو أمامنا، ورأيته يتابع سيارة تنطلق في سرعتها غير الاعتيادية، حتى اختفت في نقطة سوداء عند تخوم الأفق.
قلت: غريب، أريد ان أعتذر. قال: ما عليك، كثيرون منا، نحن جنس الرجال، لا نعرف يميننا من شمالنا عندما يتقدم بنا العمر، فنحسب من يحيينا قد وقع صريع حبنا، أو أن من نسلم عليه يظننا من أرباب التسول والكدية. وعند نهاية جملته هذه أدركت أن صاحبي، يريد أن يتقرب إلى الله بكلمة حق. قلت: كأني بك منفطر القلب؟
قال: أي والله، من أجل صاحب تلك السيارة الفاخرة التي مرت بسرعة قبل لحظات، لقد وجدته وحيداً في مفازة قبل أسابيع، فأسرعت نحوه أسلم عليه، وأسطر أمامه رغبتي بمساعدته في تلك البيداء. قلت: وماذا كان رده؟ قال: نهرني قائلاً: أغرب عن وجهي، الله يقطع أثرك، ألا تستحي من الكدية، وأنت ما تزال في مطالع الرجولة!؟ ضحكت، وقلت له: أتريد ان تسمع حاجة من ستين حاجة؟ قال: هيّا. دخل رجل على الفيلسوف اليوناني “تاليس”، وأراد أن يمتحن علمه، فأخذ يسأله والفيلسوف يجيب:
*ما أقدم شيء؟
-الله، لأنه كائن منذ الأزل.
*وما أجمل شيء؟
-الطبيعة لأنها من صنع الله.
*وما أثبت شيء؟
-الأمل .
*وما أصعب شيء؟
-أن يعرف الإنسان نفسه.
قاطعته قائلاً:
– بورك في سعيك. ولكن أتدري من تقدم لخطبتي؟
قال: لا.
قلت: شابٌّ أمرد يقود سيارة مسرعة حسبني غادة حسناء، لأنني تَقَنَّعتُ تماماً.
قال صاحبي ضاحكاً: هذا حال بعض شبابنا في هذه الأيام، فالواحد منهم لا يفرق بين الذكر والأنثى، ولا يعرف هل أن الدجاج الرومي من فصيلة الهوش أم البوش.
** ملاحظة ليست للنشر **
ــ تاليس هو ارسطو طاليس،
وأوردته هنا بهذا الاسم للمفارقة،