” حياة كالحياة “

نرمين المفتي /

“ونحن لم نحلم / بأكثر من حياة كالحياة”، بيت شعري كتبه محمود درويش ورحل، ليصبح شعاراً، ليس في العراق وحده إنما في كل بلد عربي تكون فيه حقوق المواطن لحياة كريمة أحلاماً، ويقتبسه المتظاهر أنس حيدر (19 سنة) ويضيف: “نريد أن نشعر أننا نعيش، وليس أن نحيا فقط”. وكأنه قرأني أو سمعني.
منذ أول شرارة حرب التي ولدت حرباً وحصاراً قاسياً وغزواً واحتلالاً وعنفاً وإرهاباً و فوضى وفساداً، كلما سئلت عن حالي، كان جوابي “ما زلت أحيا”، وكلنا نعرف الفرق بين “أن نحيا” و”أن نعيش”.
لعقود حاولنا أن نعيش وفشلنا، وجاء جيل، وفي لحظة كالمعجزة جعلونا نحمد الله الذي أطال بأعمارنا لنعيش هذه المعجزة بإن هناك أملاً لتحقيق حلم كدنا أن ننساه. وحيدر يريد وطناً، والوطن ليس قطعة أرض وحدود فقط، إنما الوطن يعني الانتماء وعدم المحاصصة والعيش الكريم وكرامة.. في الحيز نفسه كتبت في 2016 عن الشباب الذين غامروا بحياتهم وهاجروا بشكل غير قانوني بالبحر، إذ وصل شاب من كركوك إلى النمسا وتم اعتقاله، قال في رسالة إلكترونية لأهله إنه ليس نادماً، إذ خاطبه الشرطي، وهو المخالف، قائلاً “سيدي لو سمحت”، ليشعره بأنه قيمة عليا كإنسان، وحافظ على كرامته، وأضاف أن هذا الإحساس كان يستحق المغامرة.
هؤلاء الشباب الذين جعلوا جيلي وأجيال سبقتنا، وأخرى ستتلونا، نتناسى خيباتنا وفقداناتنا ونحن نراقبهم وهم لا يحملون سوى العلم العراقي ولا يهتفون إلا للعراق، ودفعوا بالآلاف من الآباء والأمهات، بل وحتى الأجداد إلى اللحاق بهم في الساحات، جيل تسامى على المصطلح القبيح (المكوّنات) الذي حوّل العراقيين إلى مجموعات بشرية ، كل منها تبحث عن مكاسب باسم المكوّن حتى لو تجاوزت على حقوق غيرها ما أدى إلى المحاصصة المقيتة والعنف و الفوضى.
شكراً للشباب الذين أثبتوا لنا أن المعجزات ممكنة وأن العراق يستحق وأن بالإمكان تحويل البلد إلى وطن.