حين يموت السنفور!!!

محسن إبراهيم /

حين يموت السنفور سيحبه الجميع فجأة، سيرثونه ويخبرون الآخرين كم كان طيب القلب، سترتسم علامات الحزن على وجوههم، هي الوجوه ذاتها التي كانت تتنمر عليه في برامجها، سيغلبهم الشوق اليه، وسيظهر الندم الكاذب على ما كان يبدر منهم، ستنبري الأقلام وتسطر بحروف حزينة حكاية الفراق المؤلم، وسيطلقون عليه ألقاباً ما كانوا ليطلقوها في حياته، سيتنافسون في عرض صوره وسيتبارون في قص حكايته، وستنشغل مواقع التواصل الاجتماعي بسيرته.
مات السنفور! نشجب ونستنكر ونطالب بفتح باب التحقيق الذي يعلمون جيداً أنَّه موصد، الكل سيصبح من أصدقائه، والكل سينشر لقطاته مع السنفور، وسينبشون دفاترهم القديمة عسى أن يعثروا على لحظة أمضوها معه، كانت في نظرهم لحظات للتندر والتنمر، على فراش المرض وفي أروقة المستشفى المظلمة، عجز السنفور عن الكلام، في غرفته وغربته الكئيبة لم يحط به سوى ثلة قليلة من أصدقائه بعد أن فارقه الجميع ولم يكلّفوا أنفسهم عناء السؤال عنه، صرخاته داخل نفسه المعذبة لم يسمعها أحد، كل أمنياته كانت أن يعيش في أمن وأمان داخل بلده وأن تعمل المسارح، وألّا يكون هناك فنان عاطل عن العمل، أن يزدهر الفن ولا يضطر أحدهم للسفر والعمل خارج العراق، فلا وطن رائعاً وجميلاً مثل العراق، كانت أمنيته أن يسير في الشوارع بأمان، ويلقي عليه الجميع التحية، وألّا يكون عرضة للتنمر، وأن يحظى بدور بعيداً عن الاستهزاء بشخصيته وأن يكون ممثلاً حاله حال بقية الأقزام في العالم.
سئم السنفور الكلام واكتفى وآثرالصمت، لعل الآخرين يفهمون أن الصمت أبلغ من الكلام، شعر أن صمته سيكون أجمل وأبلغ ممّا سيقول، وحين شعر أن الزمان ليس زمانه آثر السفر إلى مدن أحلامه لعله يجد هناك الأمل المنشود.