د.حسن عبد راضي /
المصور من أسماء الله الحسنى، قال تعالى (هو الخالق البارئ المصوّر)، وجاءت في القرآن الكريم تعابير أخرى لها الدلالة نفسها لكن في صيغ شتى؛ (هو الذي يصوركم في الأرحام) و(لقد خلقناكم ثم صورناكم)، وثمة أربعة مواضع أخرى ورد فيها اللفظ بصيغة الفعل (صوركم) ومرة واحدة بصيغة الاسم (صورة) وكل ذلك بمعنى الخلق والإبداع على هيئة مخصوصة متقنة الصنع، سبحان الخلاق العظيم.
والمصور الذي نعرفه في عصرنا الحديث هو الذي يعمل بالكاميرا فيلتقط صوراً للناس والأشياء، ثابتة أو متحركة، والتصوير فن وعلم شديد الإتقان والدقة، وقد تطور على نحو متسارع في العقود الأخيرة.
وتحضرني هنا حادثة كان فيها أحد المتشددين المتوعرين في فهم المقاصد الإلهية قد سأل رجلاً عن اسمه فرد الآخر: اسمي رحيم، فقال المتشدد: أعوذ بالله لا تكفر يا رجل، بل قل عبد الرحيم لأن اسم “رحيم” من أسماء الله الحسنى، فما كان من الرجل إلا أن سأله: وأنت يا شيخ إذا أردت أن تنجز معاملة واحتجت صورة أو أكثر للمعاملة فأين ستذهب؟ رد الشيخ: أذهب إلى المصور القريب من بيتي، فرد رحيم: أعوذ بالله ..لا تكفر يا شيخ.. فإن المصور من أسماء الله الحسنى، فبُهتَ الشيخ ولم يحر جواباً.
وعلى طاري التصوير أيضاً، فقد لاحظتُ منذ زمن محنة المصورين إذا ما أرادوا أن يصوروا أي مكان في العراق، ولاسيما في تقارير وأخبار يريدون بها أن يظهروا وجهاً مشرقاً، أو ربما في مشاهد درامية تمثيلية (تصوير خارجي) إذ يجدون أنفسهم في مأزق عدم وجود موقع تصوير (لوكيشن) صالح إلا بشق الأنفس، وذلك لغياب النظافة على نحو شبه مطلق من شوارعنا، ناهيك عن كونها غير صالحة ولا مستوية كسائر شوارع العالمين.
إن هذا الأمر بات خارج كل نظام تفكير منطقي، فلا أمانة العاصمة ولا بلديات المحافظات معنيون بنظافة الشوارع وصلاحيتها للاستخدام البشري، ولا أحد يحاسب أحداً في هذا البلد العظيم، والوضع يتفاقم كل يوم وما من مُدّكر.
يذكرني هذا بالفيلم المميز لخالد الذكر أحمد زكي (اضحك تطلع الصورة حلوة) مع منى زكي وليلى علوي وآخرين، وبصرف النظر عن الرؤية الدرامية للفيلم، فإن عنوانه ذو دلالة مهمة وهي أن الضحكة والابتسامة جديرتان بإضفاء الجمال على الصورة على الرغم مما في الواقع من تناقضات وأحزان ومواجع.
وإنني إذ أشد على أيدي مصورينا الأعزاء الذين بذلوا جهوداً طيبة رغم كل شيء لكي يقدموا لنا صوراً جميلة، أقول لهم: ارفع الكاميرا عن الأرض قليلاً.. بلكي تطلع الصورة حلوة.