دنيا مارلين والجاحظ وشاكيرا!

جمعة اللامي/
ما رأيك لو انكببت على مطالعة باب صغير، ومتواضع، وقريب من فهم الفنانة الكولومبية شاكيرا، عنوانه: “” أخبار الحمقى والنوكى” في أحد كتب الجاحظ؟”
“كل إنسان يعيش بعمره فقط.. والفنان يعيش بأعمار الأجيال”
(اللورد بيرون)

قرأت مذكرات شخصية للممثلة الأميركية الراحلة مارلين مونرو، تخاطب فيها المجهول، كما لو أنها تكتب موجز قصة موتها الانتحاري. ولقد ذكرت هذه الملحة، أو الطرفة، أو السانحة أو النكتة، أمام مجموعة من الأصدقاء والمعارف، فعلق أحدهم: يا رجل، وهل عاقل يضع عقله بجوار خبر عن مارلين مونرو؟
لم أدهش لقوله، لأنني سمعت منه كلاماً ذات سنة، يتحدث فيه عن “الحرمان الطبقي” الذي قاد مارلين مونرو إلى هوليود، ومن ثم الانتحار، احتجاجاً على اضطهاد “الإمبريالية الرأسمالية” للفنان. وختم قوله بعبارة شهيرة قائلاً: الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية!
آثرت الصمت، أول الأمر، ثم تذكرت “أبا عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ”، ومنطقه العقلي الراقي، ودأبه في البحث حتى في الحياة غير المعلنة للديكة، وندّت عني نأمة مسموعة فقلت: رحم الله “ابن العميد” الذي قال: كتب الجاحظ “تعلم العقل أولاً، والأدب ثانياً”.
ثم قلت لذلك المعلق: ما رأيك لو انكببت على مطالعة باب صغير، ومتواضع، وقريب من فهم الفنانة الكولومبية شاكيرا، عنوانه: “أخبار الحمقى والنوكى” في أحد كتب الجاحظ؟ قال: ابتعد عني يا رجل، شاكيرا والجاحظ؟ ماهذا الجاحظ الذي تريدون منا نبشه من قبره؟ نحن في عالم جديد جداً، لا يزال مغلفاً بالسلوفان!
لا أطيل عليكم، ولا أريد أن أتلو عليكم ما كتبه الجاحظ حول الحمقى والمتحامق والمتحامقين، ربما لارتباط الكثير منكم بمواعيد مسبقة، أو لأن الإعلام التربوي العربي، فشل في حث مواطن عربي متواضع الدخل، على بناء مكتبته الخاصة في منزله. وأملي أن يتعب أحد جسده ويتوجه إلى أقرب ما يقوله بعض إعلامنا العربي.
وعلى ذكر إعلامنا العربي الذي سامه كل مفلس، قرأت تعليقاً لأحد المعنيين بـ “الفن” السينمائي العربي، يذم فيه شاكيرا، الفنانة الكولومبية الجنسية والمولد، العربية السلالة، أو اللبنانية على وجه الدقة، بعدما قررت “اليونسيف” تعيين هذه الشابة “سفيرة” لهذه المنظمة، كما فعلت مع ماجدة الرومي سابقاً، من أجل الطفلولة.
استعدتُ رأي “ابن العميد” مرة أخرى مع نفسي. واسترجعت صوت “شاكيرا” العالي قبل أكثر من عقد، عندما كانت في لندن، وهي تطالب الناس أجمعين بإدانة “الحرب المقبلة” على بلادنا. وكان يستمع إليها في حينه نحو 50 ألف شاب. وهؤلاء صفقوا لها طويلاً عندما قالت: “الفنان صاحب رسالة، ولا أتصور فناناً بلا رسالة.”
وحسناً فعل الروائي “ماركيز الكولومبي” صاحب “مائة عام من العزلة” عندما كتب تحقيقاً مطولاً حول حياة شاكيرا. لأنه يعرف أن هذه الشابة تستطيع أن تقدم شيئاً جميلاً لأبناء جيلها.