سعد جاسم/
برغم كل ماقيلَ ويقالُ عن الثقافة العراقية؛ وبرغم كل ماتعرضت له هذه الثقافة من تهميش وإقصاء واساءات واستخدام وإستثمار من قبل الديكتاتوريات البغيضة؛ فإنها تبقى ثقافتنا الوطنية العريقة التي قام وساهم ببنائها وصيرورتها مبدعونا ومثقفونا الكبار الذين أفنوا اعمارهم وضحّوا بما يستطيعون عليه من أجل كينونتها وحضورها ووجودها الرصين بين ثقافات العالم؛ وما هذا المنجز الابداعي والمعرفي المتوهج والذي يحظى بإحترام جميع مثقفي العالمين العربي والغربي ايضاً؛ الا دليل ناصع على اهمية وروعة ثقافتنا. ولكن المثير والمحزن في راهن ثقافتنا هو تسلل (البعض) من الأدعياء والطارئين والحمقى والمهرجين والمعتوهين والأميين و”الزعاطيط” والمرتزقة والعسس والمخبرين القدامى والجدد؛ وتغلغلهم في اوساط ثقافتنا ومحاولاتهم الوقحة والحمقاء للعبث في جسدها المثخن بالفجائع والجراح الشاسعة. وهذا الحشد الطفيلي راح يتمادى بمهاتراته وخفّته وسذاجاته وتملقاته ومداهناته ومآربه المقرفة؛ معتقداً وواهماً انه سيكون من رجالات هذه الثقافة، وذلك بما يخربشه من خواطر تحت لائحة قصيدة النثر وبما يكتبه من أعمدة تملقية لهذا وذاك وبما يدبّجه من كتابات استجدائية وتسوّلية رديئة او مايبثّهُ من سموم يهجو بها مبدعينا الحقيقيين.. وكذلك فإن هذا (البعض) الغريب العجيب نراه وقد غزا المسارح بعروض تهريجية رديئة وبذيئة ليست لها أية علاقة بالمسرح وخطابه الابداعي النبيل.. ونلحظ هذا البعض متواجداً ايضا في قاعات العروض التشكيلية بخربشاته الفاقعة والمضحكة والتي يتوهم انها لوحات فنية وماهي بذلك على الاطلاق.. وكذلك فإن هؤلاء يملأون الفضائيات بوصفهم (مُخللين) سياسيين وهم يهذون بتحليلاتهم اللاسياسية الساذجة… ويحتلون القاعات بزعيقهم المقرف وصراخهم الخادش وغنائهم الردئ والتافه والفاحش والخالي من اي ذوق وحياء.. اووووف ياالهي: انهم في كل مكان؛ في الصحف والمجلات والاتحادات والمنتديات والملتقيات والاندية والدوائر والمؤسسات الثقافية ووووووو وآه حتى ينقطع النفس ويوشك القلب على السكوت من هول الفجيعة المُرّة وأقنعة الخديعة السوداء.. يااااه ياأنتم: نحن نشير لكم بأصابعنا الغاضبة وبأصابع شجر البلاد ونخيلها الجريح.. ونصرخ بكم بصوت الحقيقة: ياانتم: الثقافة العراقية وبرغم كل ماتعانيه من إهمال وتهميش وإقصاء فإنها تبقى حاضرة ومكابرة.. وستنهض كالعنقاء من رماد هذا الخراب الذي انتم ايها الطارئون والأدعياء والزعاطيط الموهومون والمنتفخون بلا أي معنى؛ أنكم انتم من أسباب وعناصر وأدوات تفشيّ هذا الخراب في ثقافتنا وفي بلادنا العظيمة. فتعساً لكم ولأوهامكم ونواياكم ومآربكم الدنيئة.. انها الثقافة العراقية ياانتم.. وهي مسؤوليتنا وقضيتنا الجوهرية التي ينبغي علينا جميعاً أن ندافع عنها ونصونها ونحفظ ماء وجهها الذي يُراقُ الآن بقسوة واستخفاف ووضاعة لاتليق بنا كعراقيين أينما كنّا؛ وحيثما يسكننا ضمير وهاجس وروح وجرح اسمه: وطن.. هو: العراق الرائع الأبدي.. فهل تعرفون معنى وجوهر العراق ياأنتم؟؟