سهيل سامي نادر

نرمين المفتي/

 

حين أنهيت قراءة كتابه (سوء حظ)، الذي يشير إليه في العنوان أيضاً بأنه (ذكريات صحفي في زمن الانقلابات)، اكتشفت أن أستاذنا (سهيل سامي نادر)، الذي أبلغنا منذ أول يوم عمل له معنا بأنه كثير النسيان، لم يكن كذلك، إنما لاوعيه هو ما أرغمه على التناسي، أثناء العمل أو وهو في العراق، ليحمي روحه التي أبت أن تتلوث، ولم يعرف التعصب الحزبي أو العرقي أو الطائفي طريقه إليها.

يضم الكتاب حوادث أبت أن تُنسى، التي أشار إليها سهيل سامي نادر في حوار صحفي بأنها “مذكرات مهنية”، وحاول بلغة لا يعرف صياغتها سواه أن يخفف من سوء الحظ الذي واجهه ويعرفه جيداً القريبون منه. لا أحاول الكتابة عن (سوء حظ)، الكتاب، وسوء الحظ الذي يرافقه أينما كان، إلى درجة أعتقد بأن صاحبه سيكتب جزءاً ثانياً منه، إنما أريد التحدث عن (أبي ياسر)، الصحفي والروائي والناقد، الذي حالفني الحظ وعملت معه وتحت إدارته. لم أتعلم منه آلية الكتابة الصحفية الصحيحة والالتزام المهني فقط، بل كيف يكون القلب متسعاً لكل وجه مبتسم كقلبه، ولكلمات صادقة ككلماته، التي كانت وما تزال، برغم أن الظروف أتعبته كثيراً، فيها حلاوة تمر البصرة التي جاء منها وأحبها، كما أحب بغداد التي لم يكن ليفارقها لو كان حسن الحظ قد رافقه فيها.

وأكتب عن سهيل سامي نادر، الصديق الذي حاول أن يروض جرأتي في العمل الذي طالما وصفه بالجنون، لكنه كان يشجعني على أن استمر من خلال الموافقة على الأفكار التي أقدمها لإنجاز تحقيق صحفي، ربما رأى في جرأتي سنوات شبابه التي صادرتها منه ظروف وضعه القدر في خضمّها، وسياسات الانقلابات التي كانت ضده غالباً.

سهيل، الذي يصفه من يفهمه جيداً بأنه (المعلم العارف)، وهو كذلك، فهو صوفي بطريقته، وعبثي أحياناً رغماً عنه، وبطريقته أيضاً، هو ليس سعيداً في الدولة الأوربية التي استضافته، بحفل رسمي لمكانته ومنجزه، لكنه يبتكر دائماً فرصة ليكون في الأردن ليجتمع بمن تبقى من أصدقائه فيها، فهو مهما كان تعباً أو حزيناً، لا ينسى الذين يحبونه في العراق ويسأل عنهم، وبين فترة وأخرى يحلم بهم، ويتصل بي، ليس لتفسير الحلم، إنما ليطمئن على الذين حلم بهم.. وسهيل سامي نادر نفتقدك بيننا دائماً، وقطعاً بغداد تشتاقك.