شركة شكسبير

جمعة اللامي/

“أيها النوم، إنك تقتل يقظتنا”

(شكسبير)

عرفت بعد أن غادرت مدينة العمارة نهاية سنة 1959 إلى بغداد، ثم إلى لبنان، وبعد ذلك إلى دمشق والجزائر، ومنها إلى مدن أخرى، أن المدرسة الابتدائية الأولى في محلة “الماجدية”، تمّ استبدال اسمها باسم جديد، وفي بغداد تغيّر اسم مدرستي “المتوسطة” من اسم “متوسطة غازي” إلى “متوسطة النضال”، والشيء ذاته جرى مع الناس منذ سنة 1958، فقد قام والد أحد زملائي الطلاب، بتغيير اسمه الأول: “هتلر” إلى اسم جديد هو “عبد الكريم” ثم غيّر اسمه الثاني إلى “عبد السلام”، ثم عاد إلى اسمه الأول، أي “هتلر” في سنة 1963.

وعلمت أن جارنا الذي اسمه “إبغَيل” قد تحسنت “أحواله” بعد أن ارتبط بمنظمة سياسية جديدة، ولذلك نصحه ولده ان يغير اسمه “إبغَيل” إلى اسم آخر، حتى يتطابق “الشكل” مع “المضمون” وذلك يقتضي تسجيل اسمه الجديد لدى محكمة خاصة، ولكن القاضي الذي كان يقضي في طلب “إبغيل”، غرق في موجة ضحك متلاطمة، لأن الرجل طلب ان يكون اسمه الجديد “بغل”!

وهكذا تتغير اسماء ناس وشوارع المدن العربية، بنزوة من هنا، وبقرار غريب من هناك، وهو ما لم تفعله باريس مع “شركة شكسبير” التي تقع في المبنى 12، بشارع الأديون، التي كان همنغواي يستعير منها الروايات المفضلة لديه، ويروي الدكتور علي القاسمي، في ترجمته البديعة لرواية همنغواي: “باريس عيد” أنه اقتفى خطى همنغواي في تجواله بشوارع العاصمة الفرنسية أثناء إقامته فيها بعد الحرب العالمية الأولى، فوجد “شركة شكسبير” الشهيرة، في مكانها تماماً، ولكنها تحولت إلى مكتب نقليات، وعندما سأل المعنيين في الشركة عن السبب في عدم تغيير اسمها، جاءه الجواب: “نحن قوم نحترم مسيو وليام شكسبير”

وهكذا هي الأمم الحيّة!!