شكر الله سعيكم

محسن إبراهيم /

منذ أن انبثق عصر الدراما العراقية في ستينيات القرن الماضي وما تلاها من مواسم درامية، قدم كتّاب ومخرجون وممثلون باقات من الأعمال التي مازالت راسخة في أذهان المشاهدين، أغنوا بها الشاشة العراقية.
وبرز في تلك الحقبة كثير من المواهب الشابة في مجال الإخراج وكتابة السيناريو، كانت التفرد والتمكن من الأدوات صفتين غالبتين على تلك المواهب، فمنهم من استمر متدفقاً بعطائه ومنهم من نضب شريان عطائه مبكراً.
قُدمت تلك الفترة أعمال بروئ جديدة وأفكار أطرت الدراما بقالب جديد مرتكزة على ما يفرزه الواقع العراقي الاجتماعي من قصص ترجمت الى أعمال درامية، ورغم مقص الرقيب والرقابة الصارمة التي قد تؤول كل شيء يكتب على أنه بالضد من توجهات الحكومة آنذاك، لكن هذا لم يمنع من بروز أسماء عدة بينها عادل كاظم وصباح عطوان ومعاذ يوسف وآخرون أغنوا المكتبة الدرامية بأعمال رائعة، لتمتد السلسلة إلى جيل جديد أمثال حامد المالكي وأحمد هاتف. الدراما عادة لا تقاس بعدد سنين الكاتب التي قضاها في هذا المجال بل بتجدد الأفكار والروئ والتفاعل مع ما يطرأ على ساحة الواقع الاجتماعي، لتكون هي الفيصل في ما سيقدم لاحقاً.
والمتابع للشأن الدرامي العراقي سيكتشف أن فى كل موسم رمضاني تظهر أسماء شبابية في ساحة الدراما، من مخرجين وممثلين وكتاب، وما يميز هذا الظهورهو أن أغلب عناصر العمل الدرامي كانوا قد شكلوا ورش عمل ونظموا عملهم عبرها.
وهذا ما يتيح للعمل فرص النجاح لتوفر الأرضية المناسبة لتطور أي مجال إبداعي. الموسم الرمضاني الماضي أظهر كثيراً من المواهب التي خاض بعضها غمار المعترك الدرامي سابقاً، وبعضها الآخر طرق باب هذا المعترك للمرة الأولى، قُدم كثير من الأعمال وظهرت أسماء جديدة أمثال الكاتب الشاب أحمد وحيد والمخرج علي فاضل وأسماء أخرى قدموا أعمالهم برؤية سينمائية تلفزيونية واقعية أظهرت الممثلين بحلة جديدة واستطاعوا أن يوظفوا أدواتهم بطريقة جميلة، وبرؤية شاملة لواقع معيش قد كان من الصعب التحدث عنه في حقب سابقة.
ربما نحن على أعتاب ثورة درامية كبيرة ستكلل الدراما العراقية بحلة جديدة وتبعث رسالة الى الحرس القديم للدراما بعد أن غاب منجزهم الإبداعي طوال سنوات مفادها (شكر الله سعيكم) وشكراً لكل ما قدمتموه.