جمعة اللامي /
” الاستقامة من أمهات الفضائل “
(محمد عبده)
هنيئاً لنا وللناس أجمعين، فصل الشتاء حيث المطر والفضيلة. وهل من فضيلة تعدل الإنسان الذي هو الخليفة الإلهي في الأرض، بنصّ القرآن الكريم؟. والفضيلة شجرة معروفة، ليس بخضرة أوراقها، ولا بوارف ظلها، ولا بطيب ثمارها، ولا بدلالة هبوط جذورها في ظلام لا قبل لنا به، فقط … وإنما الفضيلة تُعرف بما هي عليه: إنها موجودة، قبل أن يصفها البشر، وسنّة إلهية قبل أن يخلق الله الكون.
والفضيلة من دون الإنسان، تبقى معلقة في مكان آخر لا نعرفه، وإنما نحن نعرف الفضيلة لأنها تجاورنا، ولأننا نساكنها، فهي شجرة لا تمكث وحيدة، وإن من يمارسها سوف يحظى بجيران وما أكثرهم. والأفاضل هم جيران الفضيلة، والفضيلة جارة الفضلاء. والفاضل يكون فاضلاً ليس في تجنبه الرذيلة، وإنما في سعيه الحثيث كي لا يشتهيها.
والفضيلة تزكية للنفس، فأنت تستخرج التبر من التراب بالنار الحامية. وأنت تزكّي نفسك بالمجاهدة والمكابدة والصبر. وكفى بالصبر فضيلة، إنه أحد صفات المولى عزّ وجل. والصابر عالم عليم، وأهل الفضيلة وأربابها، أصناف العلماء ومنازل العرفاء، فلا فضيلة كما هي الفضيلة بلا علم، ولا فضيلة من دون معرفة، كما يقول سقراط.
والجمال فضيلة ظاهرة، واحتقارك القبح حتى تجعله يأتي إليك صاغراً، فمغيّراً صفاته إلى الجمال، هو الفضيلة التي عناها عدد من الكتاب المبرزين في أكثر من مؤلف وأزْيَد من دفتر. والفضلاء بيارق شهادة.
تَملَّ – رعاك الله، في هؤلاء الفتية الذين يقصدون الاستشهاد فداءً للعراق، كما يذهب أحدهم إلى مدرسته، فهو يتأبّط دمه، كما يتأبط ذلك الفتى دفاتره المدرسية. فهم يمتحون من فيض ذلك الإنسان الذي تعلم الفضيلة، كلمة كلمة، من ربه وربنا، ومن خالقه وخالق ما نعرف من مخلوقات، وما لا نعرف من غير المخلوقات التي لا نعرف.
ومحاربة الفقر في مجتمعنا .. فضيلة.
والإمساك بفقر الروح .. فضيلة، لا يعرفها إلا الفاضلون . وإذا ما أردت أن أنصح نفسي، قبل غيري، فلسوف اتعظ بقول لامرأة فرنسية، هذا نصه: أول نصائح الفضيلة، التضحية بالنفس. ومن يروم صياماً هو الطاعة كلها، فليكن حراً في دنياه، وفي دينه.
وتحية لجارتنا فضيلة المرهون، التي خلعت شيلتها من على رأسها، وجعلت منها كفناً لأول شهيد بمدينة العمارة، سقط دفاعاً عن مصر وفلسطين والجزائر والخليج العربي .