مالك خلف وادي*
تُعدّ المنشآت الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصادات العالمية، حيث تشكل جزءاً كبيراً من الأنشطة الاقتصادية وتسهم في توفير فرص عمل لملايين الأفراد. وعلى الرغم من أنها تمثل نسبة كبيرة من إجمالي الشركات العاملة، إلا أنها تواجه تحديات عديدة تُهدد استدامتها واستمراريتها.
أبرز هذه التحديات هي صعوبة الحصول على التمويل بسبب نقص الضمانات التي يمكن أن تقدمها هذه المنشآت للبنوك والمؤسسات المالية. هنا يبرز دور برامج ضمان الائتمان، التي أصبحت آلية حيوية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها على الوصول إلى التمويل اللازم.
تعمل برامج ضمان الائتمان كوسيط بين البنوك وأصحاب الأعمال، فهي تقدم ضمانات تغطي جزءاً كبيراً من مخاطر الإقراض، ما يشجع البنوك على تقديم القروض بشروط ميسرة، هذا بدوره يسهم في تحقيق فوائد متعددة، منها زيادة العوائد الاقتصادية وتنشيط حركة السوق وخلق فرص عمل جديدة.
على سبيل المثال، الدول التي طبقت برامج ضمان ائتمان فعالة شهدت ارتفاعاً في معدلات نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة تصل إلى 15%. كما أن نسبة التشغيل للعمالة في هذه المنشآت ارتفعت بنسبة 20%، ما يسهم في تقليل نسب البطالة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. علاوة على ذلك، فإن تدوير رأس المال داخل هذه المنشآت يعزز النشاط الاقتصادي المحلي ويخلق سلاسل قيمة مستدامة.
في العراق، يمكن لبرامج ضمان الائتمان أن تكون أداة استراتيجية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية. من الضروري أن تعمل الجهات الحكومية والقطاع الخاص معاً على تصميم برامج فعالة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات السوق المحلية وتحدياتها.
إن تطوير هذه البرامج ليس خياراً بل ضرورة، فمع وجود رؤية واضحة وإرادة مشتركة، يمكن تحقيق نقلة نوعية في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لتصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات والمساهمة بشكل أكبر في بناء اقتصاد مستدام ومزدهر.
ختاماً، إن استدامة هذه المنشآت ليست مسؤولية فردية، بل مسؤولية مجتمعية تتطلب تكاتف الجميع، فالاستثمار في هذه المنشآت هو استثمار في مستقبل الاقتصاد العراقي.
* المدير العام لدائرة تطوير القطاع الخاص
في وزارة التجارة