محسن ابراهيم/
لمقاهي شارع المتنبي طعم ومذاق خاصين يجعلانك تشعر بتواصل الحياة، هناك يمكنك أن تكون ماشئت, أن فضلت الحديث ستجد من يتواصل معك وأن جلست منفردا ستجد نفسك منجذبا الى أحاديث ونقاشات وشعر وشعراء, لتلك الأسباب غالبا ما تقودني قدماي الى أحد مقاهي المتنبي, حيث ملتقى الفن والأدب, في أحد الأيام كنت أجلس وحيدا كعادتي أستمع لا حاديث الناس من حولي, ترتسم على محياي انفعالات هي انعكاس لما اسمع، غالبا مايروقني الاستماع الحديث عن الفنون بشكل عام, أبحر في ذاكرتي حيث عوالم اللحن والغناء والفن التشكيلي, واطلق لمخيلتي العنان اشاركهم لحظات الابداع ومخاضات الولادة الأولى لكل عمل, لا استسيغ الخوض في احاديث النقد لاي عمل فني، فللنقد رجالاته, ربما أبدي رأيا هنا وهناك, رأيا متابعا لاأكثر, في خضم الأفكار والابحار في الخيال والاستماع, دخل صديق لي شاءت الصدف أن يقبل في كلية الفنون الجميلة قسم التشكيل برغم ان صاحبنا (عمره ما مشخبط على حايط) بعد التحية والسلام وارتشاف قدح الشاي, أشعل سيكارته نفث دخانه عاليا وراح يغرد في نقد الفن عموما والتشكيل خصوصا, وكيف أن الفنانين التشكيليين الاوائل ارتكبوا اخطاء فادحة في اعمالهم، وكيف كان يخوض نقاشات بيزنطينية مع أساتذته في الكلية, ثم عرج على الفن العالمي واستخدامات الظل والضوء واللون وفرشاة الرسم, كنت استمع له على مضض, كان هناك رجل كبير السن يجلس على الأريكة المقابلة لنا. تارة ينظر الينا وتارة أخرى يبتسم ربما أنتبه الى علامات الانزعاج على وجهي من حديث صاحبنا الذي استرسل في كلامه حتى التفت اليه الرجل المسن قائلا (على كيفك يابيكاسو لا اطير علينة لوحة)!!