#خليك_بالبيت
د. علي الشلاه شاعر بابلي /
السادة آل الورد في الكاظمية أسرة عريقة محترمة، وقد قدمت للثقافة والفكر العراقي عدداً من الأسماء الهامة والمميزة كان لي شرف التعرف إلى اثنين منهم عن قرب، الأول هو الشاعر والنحوي وأستاذ اللغة العربية، المختلف عن أقرانه أبداً، عبد الأمير الورد الذي درست عليه النحو منذ عام ١٩٨٣ وربطتني به صداقة خاصة حتى وفاته رحمه الله، وكانت لنا تجوالات يومية في أحياء بغداد العريقة لها حديث آخر. والثاني تعرفت إليه لاحقاً وهو علّامة الاجتماع وعلمه العراقي الفريد الدكتور علي الوردي رحمه الله. وسبب ذكري للاثنين معاً هو أني تعرفت إلى الثاني عن طريق الأول من خلال اللقاء به أول مرة في مدخل كلية الآداب / جامعة بغداد منتصف الثمانينيات. واعترف أن صورة علي الوردي لديّ قد تكونت من خلال وصف عبد الأمير الورد له شجاعاً ومختلفاً، وشجاعته ليست سياسية فقط، بل وقبل ذلك اجتماعية في مجتمع كان كما صوّره الوردي نفسه بأنه اقسى وأعنف من ساسته، وكان أول عصيان لذلك المجتمع من قِبله عندما أضاف ياء إلى لقب عائلته العلوية الحسنية فصار الورد وردياً في زمن المد اليساري الأحمر.
وإن نسيت فلن أنسى ما حييت أنني قدّمت العلّامة على الوردي (الممنوع من المحاضرة والنشر عن المجتمع العراقي بأمر رسمي من رأس النظام حينها) في ندوة في قاعة ابن النديم أواخر الثمانينيات اقترحها الصديق الصحفي الرصين علي جبار عطية الربيعي، الذي نقل لنا شعور الوردي بالإحباط من الوضع الذي يعيشه ومن المنع الذي طاله، فتحمسنا أنا وأخوه صديقي الشاعر المبدع عبد الرزاق الربيعي لتنظيم ندوة للعالم الكبير، وقد فاجأنا رحمه الله في آخر الندوة بأن قال (واذكروا عني أنني لم أُحترم في آخر أيامي ومُنعت من الكتابة والنشر عن مجتمعي العراقي واعتدي علي ….) ولكم أن تتخيلوا شعورنا حينها ونحن نستمع إليه في ذلك الظرف الملتبس، ولاسيما أنا الجالس على المنصة إلى جواره.
رحم الله علي الوردي الشجاع الجريء في مجتمع عنيف خائف يدّعي الشجاعة .