محمد عبد الجبار الشبوط /
مازال العراق يحتل موقعه في أسفل مؤشر الفساد العالمي لعام 2024 الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية. فقد أحرز العراق 26 نقطة من أصل 100. وهي درجة رسوب كما هو معلوم، إذ لا يمكن اعتبار العراق ناجحاً في مؤشر الفساد مالم يحصل على 50 درجة من 100. وهذا يضع العراق في الترتيب 140 من أصل 180 دولة. وهذا يعني أن هناك 139 دولة أفضل من العراق، وهناك 39 دولة أسوأ من العراق.
هذا هو الخبر السيئ، أما الخبر المفرح جزئياً فهو أن العراق حقق تقدماً طفيفاً في عام 2024 قدره 3 درجات أفضل من العام الماضي. وبما أن الغريق يتشبث بالخشبة، فإننا نتفاءل خيراً بهذا التحسن “الطفيف”، على أمل أن يواصل تسلق سلم الفساد حتى يصل إلى درجة النجاح بالحد الأدنى، تمهيداً للصعود إلى درجات النجاح الأعلى في المستقبل.
ربما لا يحتاج المواطن العراقي إلى تقارير منظمة الشفافية العالمية لتُطلعه على نواحي الفساد في الدولة العراقية، فهو يستطيع أن يلمسها لمس اليد من خلال تعاملاته اليومية مع الدولة ودوائرها.
مؤشر الفساد يشمل العديد من النقاط منها: الرشوة، تحويل الأموال العامة إلى غير مقاصدها الأصلية، استعمال المسؤولين المنصب العام لتحقيق المكاسب الخاصة دون مواجهة العواقب، قدرة الحكومات على احتواء الفساد في القطاع العام، البيروقراطية المفرطة في القطاع العام التي قد تزيد من فرص حدوث الفساد، استعمال الواسطة بالتعيينات في الخدمة المدنية، وجود القوانين التي تضمن قيام المسؤولين العامين بالإفصاح عن أموالهم واحتمال وجود تنازع في المصالح، الحماية القانونية للأشخاص الذين يُبلغون عن حالات الرشوة والفساد، استيلاء أصحاب المصالح الضيقة على الدولة، الوصول إلى المعلومات المتصلة بالشؤون العامة / الأنشطة الحكومية.
ويلاحظ من هذه النقاط أنها تتعلق بالحكومة ومسؤوليها ومشاريعها. فالحكومة هي بؤرة الفساد، فإن صلحت تراجع الفساد في البلد، والعكس بالعكس. فالفساد هو فساد الحكومات، والصلاح هو صلاح الحكومات. وفي بلد كالعراق مازال القطاع العام هو المهيمن، ومازالت الدولة هي المقاول الرئيس، فإن مؤشرات الفساد متعلقة بالدرجة الأولى بسلوك الحكومة ومسؤوليها، بغض النظر عن الدرجة الوظيفية التي يحتلها المسؤول. ولهذا نحتاج إلى تنشيط عمل حلقات الرقابة على الحكومة، مثل الرأي العام، والإعلام، والبرلمان، وديوان الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، وغير ذلك. إن تشديد الرقابة، بما في ذلك تشديد العقوبات، من شأنه أن يخفف من حدة الفساد في الدولة وصولاً إلى تحقيق الدرجة المعقولة من النزاهة والنظافة والاستقامة.