د. علي الشلاه/
خلافاً لكل السيناريوهات التي عرفناها في سائر الأزمات العربية، بدءاً من إخراج مصر من الجامعة العربية بعد زيارة السادات لتل أبيب، مروراً بحماقات صدام وحروبه غير المبرّرة وغير الشريفة مع الجارة إيران والشقيقة الكويت، وانتهاءً بالأزمة السورية وتداعياتها، فإن التجربة الأنجح في العلاقة العربية العربية كانت تجربة العراق الديمقراطي التي شهدت عودة تدريجية للعرب الى العراق وتوِّجت بإقبال عربي كبير على العراق المنتصر في القمة العربية الأخيرة في البحر الميت الذي دبّت فيه الحياة بفعل نصر العراق وأبطاله في الموصل.
وعلى الرغم من أن الجامعة العربية ظلّت مترددة في أحايين كثيرة في التعامل مع الشأن العراقي لأنه يختزل كل المشكلات والأزمات التاريخية والمعاصرة، إلا أن إرادة العراقيين قلبت الطاولة ونقلت المشهد السلبي المتداعي الى مشهد إيجابي خلّاق.
لقد كانت العودة الى العراق عربياً عودة وعي وحياة إلى الرابطة الأخوية بين الدول العربية وبارقة أمل طال غيابها لدى العرب بعد الانكسارات والهزائم والاتهامات بالإرهاب والتطرف. وحين انتصر العراق بدأت البوصلة بالاخضرار وانتقل العرب من مرحلة التنازع البيني في العواصم العربية والقبائل العربية إلى مرحلة إعادة الاعتبار الى الدولة العربية التي كسرتها التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود.
ليست أمام العرب ،إذا شاؤوا الاستقرار والأمن، إلا ثقافة احترام الخصوصيات في دولهم ولدى دولهم، واحترام خصوصية العراق كان يجب ان يحصل منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003. وقد كلَّف التأخر في ذلك العراق والعرب كثيراً من التضحيات الجسيمة، وعلى العرب اليوم أن يستفيدوا من تجربة العراق في حل سائر مشكلاتهم الأخرى.
إن نصر العراق نصرٌ للعرب المتسامحين الراغبين بحياة كريمة، وهذه بوادرها تطلع مع أول أذان نصر ترفعه حدباء الموصل.