عيد العراق الوطني

#خليك_بالبيت

د. حسن عبد راضي /

الثلاثون من حزيران يبدو هو التاريخ شبه المتفق عليه لانطلاق ثورة العشرين في الأدبيات التاريخية التي وثقت تلك الثورة، التي تعد انعطافة مفصلية في سيرورة تشكّل الدولة العراقية الحديثة والوعي السياسي العراقي.
لقد أفرزت تلك الثورة فهماً جديداً لواقع مستحدث، إذ لعل الغالبية المسلمة من العراقيين، سُنّة وشيعة، لم تكن ترى في الوجود التركي شبه المستديم في العراق قبل 1917 احتلالاً، فهم وإن كانوا أتراكاً إلا أنهم مسلمون في النهاية.
وعلى الرغم من الظلم الفادح الذي ألحقه العثمانيون بالعراقيين، وإثقال كواهلهم بالضرائب، وغير ذلك من الممارسات التي مهدت لنشوء طبقة رؤساء العشائر الإقطاعيين، اتساقاً مع سياسة الترغيب والترهيب وشراء الذمم التي اتبعتها السلطة العثمانية المسلمة، إلا أن الأمر بدا مع الانكليز مختلفاً، لقد كانت سياستهم في العراق استفزازية قائمة على الاعتقاد بأن هذا البلد هو مستعمرة إنكليزية ذات موقع استراتيجي يصل مستعمراتها الشرقية بالغربية، ويتوسط منطقة الشرق الأوسط ذات الثقل الاستراتيجي في الحسابات الاستعمارية، ولم يوفروا شيئاً من أساليب الأتراك أو سواهم لتركيع العراقيين، لكن هيهات.
استمرت الثورة بضعة أشهر، وكان ايقاعها كرّاً وفرّاً، ينتصر الثوار في منطقة، ويعود الإنكليز ليستعيدوا موقعاً في منطقة أخرى، ولو أمعنّا النظر في تواريخ الأحداث التي رافقت الثورة ومجرياتها، سنجد أنها تمتد على امتداد صيف العراق، وتنتهي في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وهو تاريخ قمع الثورة نهائياً.
الثلاثون من حزيران هو – أيضاً- تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من العراق بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وقد تم ذلك نهائيا في عام 2012، وكان يمكن أن تكون بداية ممتازة لاستقرار سياسي واقتصادي وتنمية استراتيجية لو أُحسِن استثمارها.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال: هل يمكن أن نعتمد هذا التاريخ يإحالتيه البعيدة (ثورة العشرين) والقريبة (تاريخ جلاء القوات الأمريكية عام 2012) ليكون عيداً وطنياً يتفق العراقيون عليه؟ سؤال يمكن عرضه للنقاش العام، عسى أن نصل أخيراً إلى قاسم مشترك.
اليوم الذي يعقب (6/30) هو الأول من تموز أو (واحد سبعة)، كما يحب العراقيون تسميته، وهو يوم اقتُرح ليكون موعداً لميلاد عدد كبير من العراقيين المولودين في عقود الستينيات وما قبلها، ذلك أن كثيراً من الناس في تلك الأيام لم يكونوا معنيين بتوثيق تواريخ ميلاد أولادهم وبناتهم، ثم حين اضطروا لاحقاً لاستصدار هويات أحوال مدنية لهم لم تكن هناك بيانات ولادة توثق تلك التواريخ، ما اضطر موظفي السجل المدني إلى اتباع هذا الإجراء الذي يجعل الفرق بين التاريخ الحقيقي للولادة وتاريخ الأول من تموز الذي يتوسط السنة طفيفاً قدر الإمكان.
فإذا تعذر على النخب السياسية والثقافية اعتماد الثلاثين من حزيران عيداً وطنياً، فما الضير من اعتماد الأول من تموز بدلاً عنه، وهو اليوم الذي يفرح فيه نصف سكان العراق -على تنوع أطيافهم- بذكرى ميلادهم الميمون!!

النسخة الألكترونية من العدد 362

“أون لآين -5-”