نرمين المفتي/
” عيد بأي حال عدت يا عيد ” شطر من بيت للمتنبي وهو في الوقت نفسه عنوان القصيدة التي كتبها في القرن العاشر الميلادي وما يزال يستخدم كلما اقبل العيد، خاصة في العراق، اذ يستمر الأسى الذي احس به المتنبي ابن الكوفة حينها واستمر لحد الآن عراقيا، اقصد الأسى.. اذن ها هو عيد آخر يعود، وكعادتي في الأعياد الماضية اتمنى لهذا العيد ان يمر بأمان ودون تصريحات رسمية وان كانت قليلة بسبب سفر غالبية مسؤولينا الكبار وشبه الكبار يسافرون الى الخارج لقضاء العيد مع عوائلهم التي تعيش بعيده عن (الرفاهية) عندنا، امنية تضاف الى امانٍ سابقة لي ولملايين العراقيين ولكنهما، الأمان والتصريحات، طالما خذلاهم.
اتمنى متمسكة بشطر للطغرائي يقول فيه “ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل”. هل ابدو متفائلة؟ وهل التفاؤل ممكن في ظروف مثل التي نمر فيها في العراق؟ قد يكون ممكنا، لابد من فسحة امل نطل من خلالها على الواقع قبل ان نطل على القادم.
دون طلة حقيقية على الواقع، من المستحيل ان نغيره نحو الأحسن او في الأاقل نحو ما نريد. مشكلتنا اننا نتحدث اكثر من اللازم، و نتخيل اكثر من اللازم، و نعمل اقل من اللازم بكثير، وفي هذا العمل القليل لا يوجد أي تنظيم يوجه ويكتب شعارات و يشكل وجبات عمل و واجبات. الحالمون في العراق اكثر من اللازم ( هل لمستم كم مرة استخدمت – اللازم- لأنها الكلمة الاهم وغير المطبقة)، رغم ان الموت اسهل من الحلم عندنا، هؤلاء الحالمون، يغيرون وهم جالسون، يتظاهرون وهم جالسون، يعدلون وهم جالسون، ينتصرون للحق وهم جالسون، يلغون تقاعد النواب، وهم جالسون، ويعدلون الموازنات المليارية للرئاسات الثلاث وهم جالسون؟ حالمون لا يختلفون عن دون كيشوت، لكن هذا الاخير في الاقل حارب طاحونة بسيف خشب، انما الحالمون الجالسون الذين لدينا، حتى لا يحاولون هذه المحاولة، يحلمون ويقررون ويعتقدون انهم انتهوا من الإنجازات.. مهما يكن من امر، فان العيد قادم، وكل عيد و سيف دون كيشوت الخشبي بخير، والمقاعد الوثيرة للحالمين الجالسين بخير، وكل عام العراق والعراقيون بخير وخير ويا رب يأتي اليوم الذي سنعتبره عيدا، ان يشعر الذين يمسكون بمقدراتنا و بالعراق وبنا، يوم اتمناه قريبا..