غرائب الأرقام !!

حسن العاني /

منذ آلاف السنين تعاملت شعوب المعمورة – بلا استثناء – مع الأرقام على أنها جزء من عقائدها الدينية، أو معتقداتها الشعبية، وآمنت بها كقوة حقيقية فاعلة في حياتها العامة، فمنها السحر، ومنها بشارة خير وتفاؤل، ومنها نذير سوء وتشاؤم.. وهكذا – على سبيل المثال – كان العدد الفردي ابتداء من الرقم (3) صعوداً ( 5- 7- 9.. الخ) يعبِّر عن موقف ديني لدى أصحاب المضايف، لأن (الفردي) إشارة إلى وحدانية الله سبحانه وتعالى،
ولهذا لا يجوز أن يتألف المضيف من (حنيتين) أو 4 (حنيات) أو 6 ..الخ . و.. وفي العديد من بلدان أوروبا – رائدة الفضاء والبحار والعلوم – ما زال ملايين الناس يتشاءمون من الرقم (13) إن كان رقم شارع أو زقاق أو محل أو بيت ..الخ
على أن سيد الارقام الغريبة كان وما زال من نصيب الرقم (7)، بعد أن اجتمعت له من العجائب أعجبها ، فهو (7) نجمات في السماء طالما سمعنا حكايتها في طفولتنا عن (بنات نعش)، و (7 قصور) منطقة بغدادية، و(أم سبع عيون) خرزة دائرية من الخزف، زرقاء اللون في العادة، تحتوي على 7 ثقوب، إذا كانت صغيرة الحجم، تعلق في ملابس الأطفال لطرد الحسد عنهم، وإن كانت كبيرة نسبياً، تعلق فوق باب البيت من الخارج لحفظ الدار من عيون الحساد و… و… وبعد مرور (7) أيام على المتوفى توزع الخيرات على روحه، وللعروس يوم سابع بعد زواجها هو الأسعد في حياتها، لأنها تتلقى فيه تبريكات وهدايا الأهل والأقارب والأصدقاء. ويقال إن الطفل إذا جاء إلى الدنيا وهو ابن (7) أشهر يمكن أن يعيش، ويسمى(سبيعي)، أما إن كانت ولادته في الشهر الثامن ففرصته في الحياة ضئيلة!
أيام الأسبوع (7)، و(7 حجارات) من ألعاب الطفولة، و(سبع) اسم علم مذكر، والبنت الشاطرة تدعى (سبّاعية). وفي الكتاب الكريم ورد هذا الرقم (23) مرة على غرار (سبع سنابل / سبع سنوات/ سبع من المثاني / السماوات السبع ..الخ). ولربما من أبشع السنوات التي مرت على العراق هي خضوعه تحت طائلة (البند أو الفصل السابع).. ولا أدري هل هي محض مصادفة أن يردد الأطفال أغنيتهم المشهورة (الثعلب فات فات… في ذيله سبع لفات)!!
وما زال الرقم (7) ومصادفاته ومضاعفاته حافلاً بالعديد من المفاجآت، ربما أكثرها غرابة ما أعلنه الجهاز المركزي للإحصاء – وهو جهاز رسمي حكومي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا يتحدث بألاعيب السياسة أو فنطازيات المزاج البرتقالي أو العواطف الجياشة – قبل أكثر من (7 سنوات)، أن هناك (7) ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، وبعد أكثر من (7) سنوات أصبح عدد الفقراء، الذين يعيشون تحت خط الفقر، قرابة (14) مليون عراقي، وهو من مضاعفات الرقم (7). وعلى قمة الغرابة والغرائب في هذه اللغة الرقمية، أن الذين يعيشون (فوق خط الغنى بسبع درجات) يبلغ عددهم (7 آلاف) عراقي فقط، هم سبب الفقر والجوع في البلاد!!