نجاة عبد الله/
أن نسرد حياة شاعرة كأننا نفتش في خزانتها الشخصية ونقلّب مقتنياتها، نعجب لهذا ونذهل لذاك.. نفعل هذا ولا نقرأ ما كتب على جدار تلك الخزانة.. لنرى الدرر الحقيقية المضيئة ولا حاجة بنا لفتح الصندوق.
هناك من يبحث عن حياة شاعرة ما لأغراض إبداعية بحتة، ليرى مثلاً هذا الخيط الهلامي الذي يربط بين ما يحدث في حياتها وبين ما يحدث في قصائدها وماهي تلك النزعات النفسية التي حققت كل هذا، ولكن أن يبحث وبدقّة عن عثرات تلك الشاعرة.. زواجها طلاقها عشاقها، مالكم وهذا.
ما يحدث مع سيرة تلك الشاعرة المهولة أنها فعلت ما فعلت، ناقضت القوانين الحياتية المعتادة لأنها فقط.. شاعرة حقيقية..لا عجب بكل هذا حتى نصل الى انتقاد الرجل المتعصب الذي كان يعذب فروغ في حياتها وبعد رحيلها.. بل العجب ما يحدث مع بنات جنسها من النساء ومع من يطلقن على أنفسهن شاعرات وهن يصفن تلك الشاعرة المهولة وأكرر هذا لصدقها وسموها الإبداعي.. يصفنها بالشاعرة الإيرانية المنحلّة.. أي عار هذا للواصفات.. ماذا فعلن وهن يكنسن كل ما لديهن من كلمات قليلات كن بضاعتهن في سوق الشعر.
ماذا فعلت تلك الشاعرة غير أنها تكلمت بصدق كبير.. وجدت أن جدران البيت تضيق بها وتحدّ من هذا الوهج العالق في قلبها، أطلقت لروحها العنان تبحث عما يواشج تلك النفس الكبيرة التي ضاق بها جسدها الصغير.
لم لا نناقش الصعاب التي مرت بها، حرمانها فقرها عوزها.. بل لم لا نذكر إنسانيتها الكبيرة وهي تخرج فلماً تسجيلياً عن مرضى الجذام في تبريز والذي حاز على جائزة أفضل فيلم في المانيا عام 1962.. لم لا نذكر أن هناك فلمين تسجيليين عن حياتها أحدهما انتجته منظمة اليونسكو وآخر انتجه مخرج إيطالي وهي لم تكن تتجاوز الثلاثين.
فروغ فرخزاد علامة فارقة وماركة مسجلة في تاريخ الإبداع الشعري.