فيلم عراقي طويل!

نرمين المفتي/

هناك المئات من الأفلام المصرية عن الحروب التي واجهتها مصر وتمكنت من خلالها أن تكسب الرأي العام العربي، دائما، إلى جانبها. وهذه الأفلام اقتبست من روايات لكتّاب كبار، لكن يبقى فيلم (من يطفئ الشمس) أجملها، ليس بسبب النجوم الذين شاركوا فيه، إنما الرواية التي كتبها إحسان عبد القدوس ليظهر من خلالها تأميم القناة وحرب 1956 والشباب المصري الذي تطوع دفاعاً عن بلده، الحرب التي تمكنت من توحيد الرأي العام المصري وغيرت مفاهيم مجتمعية نحو الأفضل.

أين نحن من صناعة رأي عام محلي وعربي ودولي من خلال السينما؟ لدينا روايات تتحدث عن الحروب التي أُدخل العراق بها، وإن كانت حروباً بالإنابة في غالبيتها، لكننا فشلنا سواء في تسويق الروايات أو في صناعة أفلام. كيف نطالب الآخرين بالوقوف معنا في حرب ضروس ضد الإرهاب فُرضت علينا ليعيش العالم بسلام؟ فيلم واحد يغني عن عشرات المؤتمرات والمئات من الخطب السياسية الرنانة. فيلم يصور حلم شباب يصبحون شهداء أبطالا رغماً عنهم بدل أن يصبحوا أبطال حياة.

في حفل الأوسكار قبل سنتين، كان هناك فيلمان من إيران والسعودية يتنافسان على الجائزة ضمن فئة الأفلام غير الأمريكية، وكان فيلم (انفصال) الإيراني قد نال الأوسكار في 2012. وتم ترشيح فيلم إيراني لأوسكار هذا العام. بينما نحن في العراق حوّلنا دور السينما إلى مواقف للسيارات ومحال تجارية ومخازن. ولا أريد أن أخرج عن سياق الحديث وأشير إلى دور سينما قديمة كانت تحفاً معمارية ويتم تخريبها بخطوات مدروسة وببطء أمام سكوت الرأي العام والرسمي. ويبدو أن فشلنا يستمر مع استمرار مآسينا، قرأت خبراً عن إنتاج عالمي لمسلسل تشارك فيه انجلينا جولي ولاعب ريال مدريد الأشهر رونالدو ونانسي عجرم، سيتم تصويره في مدينة غازي عينتاب التركية عن مأساة النازحين السوريين. فقد نجح السوريون، الحكومة والمعارضة، في تسويق هذه المأساة الإنسانية، بينما فشلنا نحن، علما أن مآسي النازحين العراقيين لا تنتهي وتضم قصصاً أكثر وجعاً من قصص النازحين السوريين.
أين الخلل؟ في الإعلام، أكيد. سوريا، حكومة ومعارضة، لديهما إعلام باللغتين الانكليزية والفرنسية، وتناسى الطرفان، حتى في أكثر المواجهات دموية، خلافاتهما حين الإشارة إلى مأساة النازحين والضحايا من المدنيين وإن كانا السبب فيما حصل.

إن اسمي رونالدو وجولي كافيان لجذب ملايين المشاهدين والالتفات إلى سوريا، لإعمارها خاصة ومداواة جروحها، بينما نحن ما تزال الخلافات السياسية التي جعلت الرأي العام العالمي لا يلتفت إلينا توقف أي مشروع و(أفضل) ما تم تسويقه عن العراق ومنه كانت أخبار الفساد. وبألم يجيب أي عراقي حين تسأله عن السينما «مو إحنا صايرين فيلم».. فيلم عراقي طويل بلا مشاهدين سوانا.