عبد الله صخي/
بعد تسعة وعشرين عاماً على تسلم الروائي المصري الرائد نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب، كشفت ابنته أم كلثوم أن قلادة النيل الذهبية، التي تسلمها والدها من الرئيس الأسبق حسني مبارك، تكريماً له، كانت مزيفة. وتعد الجائزة أرفع وسام مدني تمنحه الدولة المصرية للمتميزين من مواطنيها الذين قدموا إسهاماً استثنائياً يمس حياة الناس. منحت القلادة للكيميائي أحمد زويل، والأكاديمي محمد البرادعي، كما حصل عليها رائد الاقتصاد المصري طلعت حرب بعد سبعة وأربعين عاما على وفاته.
من المفترض أن تكون القلادة من الذهب الخالص عيار 18 ويقترب وزنها من نصف كيلوغرام، مرصّعة بالميناء وبفصوص من الياقوت الأحمر والفيروز الأزرق على أن يسلمها رئيس البلاد بنفسه.
وحسب رواية أم كلثوم، في برنامج تلفزيوني بُثّ مؤخراً، أن والدها بعد أن عاد إلى منزله عقب حفل التكريم اعتقدت والدتها بأن القلادة مغشوشة. وعلى الفور عرضتها على تاجر مجوهرات فأكد لها أنها من فضة مطلية بالذهب. وأشارت أم كلثوم إلى أن إدارة المتحف الذي يضم جوائز الروائي الكبير ومقتنياته أكدت لها أن القلادة من فضة وليست من ذهب.
عندما علم نجيب محفوظ بذلك أظهر نوعاً من اللامبالاة وعدم الاهتمام. تكتّم على الأمر ولم يخبر أحداً إلى أن رحل عن الدنيا. إن سلوكاً رصيناً كهذا ليس غريباً على شخصية نجيب محفوظ (الأديب العربي الوحيد الذي نال جائزة نوبل حتى الآن) الذي عرف عنه الزهد والترفع. لقد فضل ألا يتحدث إلى وزارة الداخلية أو الرئاسة المصرية التي أرادت أن تكرم أحد أكبر كتابها الأحياء يومذاك (توفي عام 2006) لأنه كان مؤمناً بأن الجائزة ليست في قيمتها بل في معناها.
لقد أعرب محفوظ عن سعادته بحصوله على جائزة نوبل التي «ستعرّف العالم بالأدب العربي»، كما قال وقتها، لكنه لم يظهر تبرماً أو استياءً أو إحباطاً من قلادة مبارك. كان منشغلاً بشخصياته، بـ «حرافيشه»، بأصدقائه في المقهى، بحكايات الناس في الحارة والزقاق، بالرواية المقبلة، بحياة مواطنيه ومستويات عيشهم ورفاهيتهم، بمصير بلاده ومستقبلها السياسي. حتى أنه لم يلتفت للأدباء الذين عبّروا عن امتعاضهم من نيله الجائزة! إذن لماذا أثارت أم كلثوم هذه القضية بعد نحو ثلاثة عقود على صمت والدها؟ ما الذي ستضيفه جائزة الدولة إلى منجزه الإبداعي؟ إذا كانت قلادة الرئيس من فضة فسكوت الروائي من ذهب.