جمعة اللامي/
تنام عينك والمظلوم منتبه
يدعو عليك، وعينُ الله لم تَنم
(الإمام علي)
كثير من العرب في هذه الأيام، يتعاطفون مع مأساة الطفل التشيلي: “الطفل – الكلب” كما سمته صحافة بلاده قبل نحو عقدين من الزمن. طفل عمره أحد عشر عاماً ، يتغذى على حليب كلبة، ويتقوّت على ما تبقى من فضلات في حاويات القمامة. وهو يشبه كثيراً عشرات الملايين من الأطفال العرب المرضى والمشردين.
إن “الطفل – الكلب” صورة لم يصل إليها المنهج التربوي العربي القاصر، ولا وزارات الصحة العربية، ولا الجمعيات الخيرية، ولا المؤتمرات الوزارية تنتهي بتوصيات وقرارات، تشبه إلى حد كبير تلك القرارات، التي صدرت في بداية العقد الأخير من القرن العشرين، لا سيما ما تعلق منها بالحفاظ على هوية الطفل.
ولهذا سوف يتعاطف، الآن ايضا، مع طفل تشيلي، أرباب وربات الأسر العربية، والفنانون والشعراء الذين تقطر أعينهم دماً بدل الدمع، لأنهم لا يستطيعون أن ينسوا طفولتهم القتيلة، في صورة “الطفل – الكلب” التشيلي. وهؤلاء معهم الحق كله.!!
وعند هذه النقطة، لم أُكمل كتابة فكرتي حول طفل تشيلي، لأنني شاهدت “غريب المتروك ـ 1” يخزرني بنظراته الحادة التقليدية. توقفت عن الكتابة وأرحت حنكي على صدري، وسمعته يخاطبني مباشرة:
– “يا صديقي، أنت تبلبل الناس وتذهب بأفكارك يميناً ويساراً. إنك تريد قول شيء، ثم تخاف أن تعلنه. أليس كذلك؟”
ـ “هَيك .. وهَيك” ، كما قال السياسي اللبناني الحاج حسين العويني!
ـ أنا. سأعلن نيابة عنك ما تريد قوله: “يا عرب … يا أبناء عدنان وقحطان … اسمعوا وعوا، ما فات فات، والأعظم هو الذي آت” .قال المتروك.
ـ “غريب … استر علينا، ستر الله عرضك!”.
ـ “لابد من قول كلمتي : سيضيع الملايين من أطفالكم ، كما ضاعت آلاف الكيلومترات من يابستكم ومائكم. هل سمعتم يا عرب؟” قال المتروك، واثقاً وهادئاً مثل هدوء دجلة في صيف عراقي.
جمعة اللامي
(1)غريب المتروك ، هو إحدى شخصيات روايتي (الثلاثية الأُولى)
وغالبا ما كنت أستخدمه قناعا في عمودي “ذاكرة المستقبل” منذ أربعة عقود.