نرمين المفتي/
تسلمت كتابا سريا شخصيا من دائرة الوقاية في هيئة النزاهة يقول بأنهم بعد “التدقيق والتقصي” في استمارة كشف الذمة المالية الخاصة بي اكتشفوا ان لدي “ أموالا لم يتم التصريح بها..! “ وكانت مفاجأة سارة وأنا اكتشف الأسهم التي اشتريتها، من شركة نقل المنتجات النفطية والبضائع. في سنة ما من سنوات الحصار والتي نسيتها بعد سنة من شرائها، حين تم تبليغي بان الشركة بدأت تخسر، مفاجأة سارة ان تكون هذه الشركة مسجلة في سوق الأوراق المالية وتعني ان الشركة تعمل وتربح..
وكانت مفاجأة سارة أيضا تقول أن العراق بخير طالما ان هيئة النزاهة بخير وتستطيع الوصول الى أدق التفاصيل المالية للذين عليهم كشف ذممهم المالية. المهم، راجعت الأوراق المالية لأعرف كمية الأموال التي عندي لاصرح بها, واتعهد ان أدرجها في الكشوفات القادمة.
ومع تسلم الكتاب ولغاية المراجعة، حلمت كثيرا.. مثلا ستكون الأموال التي ساصرح بها كافية لشراء بيت أو شقة أو غرفة واحدة في بغداد وسأساعد صديقتي التي تحتاج ١٥ مليون دينار لا غير لتحقيق حلم عمرها في افتتاح حضانة وروضة أطفال وربما سأتمكن من مساعدة صديق بحاجة الى ١٥ مليون دينار فقط لا غير لينتهي من بناء داره..
وكانت المفاجأة الحقيقة: ان الأسهم التي كانت ١٤٩٨ سهما بقيمة دينار واحد للسهم، قد اصبحت ٥٥٠٠ سهم وان علي إثبات شخصيتي من خلال الوثائق الأربع وسيمنحونني سند ملكية الأسهم بدلا عن الضائع لأحتفظ بها أو لابيعها.. أما اقيامها وهي الأموال التي لم اصرح بها فقد كانت (٧٥٠٠) دينار فقط، سبعة الآف وخمسمائة دينار فقط لا غير..
أجزم ان ما صرفته الدائرة المعنية لابلاغي يعادل أضعاف هذا المبلغ، اذا أخذنا بنظر الاغتبار رواتب المدقق والمبلغ والصادرة والسائق، فضلا عن قيمة وقود السيارة أو المبلغ أو دراجته البخارية والكهرباء والحبر للحاسبة والورق، وعلى رأس كل هذه المصاريف، تعب المسؤول وهو يقرأ ويوقع.. ولتقبل هذه المعادلة، اقول ان الصرفيات والتعب غير مهمين ازاء تأشير خلل قد يؤدي الى فساد، لذا أكاد ان اقول ان ما نقرأه ونسمعه من تقارير عن فساد مالي يفوق الخيال ليست الا شائعات! لان الذي يجد أموالا قيمتها سبعة الأف وخمسمائة دينار فقط لم يصرح بها، كيف لا يدري بالمليارات التي يتحدثون انها هربت الى الخارج؟.
وبرغم انني لم (أبلع) الأموال التي لم اصرح بها، لكنني مرغمة على ان اتذكر غوار في مسرحيته الشهيرة (كأسك يا وطن) وهو يتسلم اشعة تظهر انه بلع (فرنك- 5 قروش) ويتعجب كيف انهم اكتشفوا الفرنك ولا يكتشفون الذين يبلعون الملايين!!..