كلمة أولى

رئيس التحرير/

أصل الإنسان.. “شنو”؟

كتبت مرة أتساءل هل أن أصل الإنسان قرد، كما يقول عالم الأحياء الشهير داروين، أم أن العكس هو الصحيح؟
وسبب سؤالي هو أنني قابلت بشراً في حياتي، وما أزال، لم أجد لديهم ذرة من صفات وطباع البشر كالرحمة والعدل والتسامح ومساعدة الآخرين.

في حينها لامني صديق بعد أن قرأ المقال قائلاً لي بأنني أهنت أفضل مخلوقات الله وهو الإنسان. فسألته عما إذا كان الإرهابيون الذين يفجّرون أنفسهم بالسيارات المفخخة ويقتلون الأبرياء في الأسواق والشوارع، هم أيضاً من أفضل مخلوقات الله؟

والفاسدون الذين يسرقون أموال الدولة والناس ويأكلون السّحت الحرام، والمجرمون الذين يخطفون الأطفال والنساء ويتاجرون بهم وبأعضائهم، هل كل هؤلاء هم أيضاً من أفضل مخلوقات الله؟

تردد الصديق بالإجابة على سؤالي وراح يبرّر لي بأن هؤلاء من شواذ البشر وسيحرقهم رب العالمين في جهنم. فقلت له مازحاً إن شاء الله؟

قبل أيام تذكرت هذا النقاش وأنا أقرأ خبراً عن القرود يقول إن أحد الباحثين في سلوك الحيوان اكتشف بالتجربة العلمية أن لدى القرَدة شعوراً بالعدل والرحمة بشكل يشبه ما لدى الإنسان.

وأظهر الباحث الهولندي الذي يعمل في مركز أبحاث بجامعة إيموري الأميركية، من خلال مقاطع مصورة لهذه الحيوانات، أن القردة تحتجّ عندما تكون هناك مكافآت متباينة وغير منصفة تمنح عن العمل ذاته. وأن التعاطف والتسامح ظاهرتان منتشرتان كثيراً في عالم الحيوان.

وقال الباحث أيضا إنه لاحظ أكثر من مرة أن أحد القردة وضع يده على كتف قرد آخر معزياً إياه عند خسارة الثاني أحد النزاعات.

وعلى طرافة هذه الاكتشافات، فقد أعادتني إلى سؤالي الأول عما إذا كان أصل الإنسان قرداً كما يقول العم داروين، أم أن العكس هو الصحيح، فوجدت أن سؤالي ما يزال يحتاج إلى إجابة شافية لأنني وخلال سنوات قليلة مضت رأيت العجب العجاب من بشر ينتمون بالشكل إلى الإنسان ويضمرون في دواخلهم أسوأ صفات الحيوان.

ولا أقصد هنا بالطبع حيوانات مثل القرَدة والكلاب فهذه حيوانات أحترمها لأنها تتفوق أحياناً على البشر، وخاصة في صفات مثل الوفاء والأمانة وحماية ممتلكات أصحابها والدفاع عنهم، بل أقصد تلك الحيوانات الشرسة التي تهاجم كل من تصادفه في طريقها من دون سبب أو حاجة وتغدر بمن يعطيها الطعام، وتعضّ وتقتل على أتفه الأسباب، أي تماماً كما يفعل البعض من البشر عندنا.