رئيس التحرير/
دستور عباس المستعجل
كتبت الكتل السياسية الدستور العراقي (الجديد) على طريقة “عباس المستعجل”، وصوّت عليه العراقيون تحت شعار “الما يصفّق عفلقي.”
وتعترف جميع هذه الكتل بأن دستورنا ينطوي على الكثير من الثغرات التي تحتاج إلى إعادة نظر وتعديل. بل أن الدستور نفسه يعترف بنواقصه، إذ أوصى في المادة 142 منه بتشكيل لجنة لإجراء التعديلات عليه، واشترط على مجلس النواب تشكيل هذه اللجنة منذ بداية عمله على أن تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي وتقدم تقريرها خلال مدة لاتتجاوز الأربعة أشهر.
وبعد (التي واللّتيا) تشكلت اللجنة في العام 2006 متأخرة أكثر من عام على موعدها. ولكن بدلاً من الأربعة أشهر المحددة لعملها، أخذت سبع سنوات كاملة ولم تنجز تقريرها العتيد، والسبب بالطبع هو الخلاف حول جنس الملائكة!
والحقيقة أن من منع تعديل الدستور وما يزال هي الكتل المستفيدة من ثغراته، فهو كتب في ظل ظروف عصيبة وغير طبيعية، وهذه واحدة من أبرز أسباب ضعفه. كما أنه كتب في شبه غياب لمكونات وأطراف أساسية في المجتمع العراقي. ثم أنه كتب تحت إشراف وهيمنة أطراف نافذة، في حينها، ولم يكتبه مختصون وقانونيون محايدون وموضوعيون.
لكل هذه الأسباب، كان يجب على الطبقة السياسية الحاكمة والمشاركة في الحكم أن تنجز هذا الواجب التأريخي، لكنها تعاجزت وتماهلت بقصد أو من دون قصد، فبقي سيد القوانين ناقصاً يعاني الثغرات والقصور.
أتصور، وقد يشاركني كثيرون، أن جزءاً كبيراً من مشكلاتنا، وفي المقدمة منها الانقسام الطائفي الذي غذى ويغذي جماعات الإرهاب والعنف، وتعسّر العملية السياسية والفساد وخلافات الكتل، كلها كان يمكن أن تعالَج لو كان قد جرى تعديل الدستور وتخليصه من الثغرات وسنّ القوانين التي تحتاجها بنوده ومواده.
لكن هل ضاعت الفرصة.. بالطبع لا، فالحاجة ما تزال قائمة وقد تكون ماسة أكثر، فنحن مقبلون على جولة جديدة من الانتخابات النيابية والرئاسية في ريبع العام المقبل، الأمر الذي يتطلب مناخاً نظيفاً وصحياً يؤمن الأسس الديمقراطية والقانونية لمواصلة العملية السياسية، فمن دون توفر مثل هذا المناخ سنبقى نندب حظوظنا العاثرة مع قوى وكتل تقدم مصالحها على مصالح الوطن والشعب.
لغياب رئيس التحرير، هذه المقالة من قديمِه – الجديد