محسن ابراهيم/
ما أجمل أن نغني للحرية والأوطان والحياة, أغنية تعبر المسافات, فالكل يدرك أن للأغنية دورها الذي يجب أن تلعبه، وهي وسيلة سحرية قادرة على التأثير والتوغل في حياة الناس.
ومن هنا يدرك أهل الفن أن الغناء بضمير حي سيقتحم القلوب قبل الحدود, وسيعزف سمفونية على إيقاع الوطن وهو يتغنى بأرض تلفظ نارها وتنقش بأزميل عفتها قصيدة ثورية تضيء كل سراج معتم, فرحة وانتصار ترسمان ملامح الوطن وتحكيان ملحمته. بعيدا عن حسابات الربح والخسارة.
الأغنية الوطنية لسان حال الوطن, مشاعر الشعب ونبضه, حكاية تتخطى حدود الزمان والمكان ولاتخضع لمعايير الشهرة والانتشار, معيار نجاحها القدرة على التغلغل في قلوب المستمعين وترديدها في كل مناسبة, ميادة الحناوي، هاني شاكر، حسين الجسمي وغيرهم، فنانون عرب شعروا بجرح العراق الذي يعبر أنينه مسارات الوطن, بينما انكفأ بعض من أبنائه باطلاق الوعود لتنفيذ أعمال تتغنى فيه, يتنقلون بين يخوت الأمراء ويختبئون خلف ستار الجنسية المزدوجة وولاة النعم.
هذا الانسلاخ عن عباءة الوطن الذي لايبرره أي عذر أو وعد يطلق عبر شاشة الفضائيات, في ظل اشتداد الأزمات في بلدان أخرى كانت رموز الغناء فيها تصدح بحب الوطن, فيروز وصباح ووديع الصافي في لبنان، وكذلك الحال في مصر اذ لم ينكفىء عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهم على أنفسهم، بل كان غناؤهم يزداد توهجاً أمام أزيز الرصاص, الأوطان لاتستسلم. إنما يعقها أبناؤها, فتبصقهم الى دائرة النسيان لعلها تحظى بابن ضال يرحم مأتمها من صرخة الأسئلة. ومابين السؤال والسؤال يضحك الوطن, مستعيدا تاريخه الموغل بالبهاء ويردد لأبنائه العاقين رائعة حسين نعمة ( شو كلها مرت وأنت مامريت)!.