نرمين المفتي/
عنوان المقال منشور قصير اختصر فيه عمار، النجل الأكبر للراحل العزيز حسن العاني، حياة إنسان نبيل قلما نصادف مثله في هذا الزمن الذي شعاره الخذلان والنفاق. واختصر، أيضاً، غيابه الموجع.
أمسى حسن خبراً حزيناً بدون أي سابق إنذار، فهو لم يكن يبلغ الذين يحبونه بمرضه وتعبه كي لا يقلقهم. قلت في رثاء سابق إنه من الموجع أن أتحدث عن العاني مبتدئة الجملة بـ “كان”، إذ إنه على الرغم من مرضه أو تعبه كان يتصل بالذين يحبهم ليطمئن عليهم. وحين تشعرني نبرته بأنه مريض أو متعب، يجيب بالنفي. كان حسن يخجل من قلق محبيه عليه، كما كان يخجل من كلمة محبة ومدح.
أصبح العاني أفضل كاتب ساخر في العراق بسبب مرارة الظروف التي مر بها شخصياً ومر ويمر بها العراق، الظروف التي أوجعته كثيراً. أتذكر حزنه العميق في سنوات الاقتتال الطائفي، كان غالباً لا يملك شرحاً لما يحدث، ونشر حينها أكثر مقالاته سخرية، وعلى مدى سنتين لم يغادر البيت إلا نادراً.
هذا الحسن الذي كنت فخورة دائماً بأني صديقته، هذا الحسن الذي لم يتغير منذ أن تعرفت إليه في 1986، استمر مثل سنبلة ممتلئة، يمنح الآخرين فرحة وراحة وطمأنينة ومتعة قراءة مقالاته وتحقيقاته ورواياته ومجاميعه القصصية. كان بالرغم من مهاراته اللغوية والصحفية متواضعاً، حين ترأست تحرير مجلة “الشبكة العراقية” في شباط 2018 ولغاية إحالتي إلى التقاعد في 2021، قال إن لي مطلق الحرية في رفض أي مقال قد لا أتفق في فكرته معه. بينما هناك الآن بعض من المحسوبين على الصحافة لا يحسنون سوى كتابة أسمائهم، وتعاد صياغة موادهم، بدءاً من العنوان، يتعاملون بغرور أحمق وكأنهم صحفيون لا يشق لهم غبار!! الآن وأنا أكتب عنه، أتمنى أن يعرف كم أفتقده وأشتاقه..