ك ـ 19 في أَدْؤُرنا !

#خليك_بالبيت

جمعة اللامي /

“ثم قَرَعَ الباب ودخلنا إلى دهليز وقال عَمَّرَك اللهُ يا دار، ولا خَرَّبَكَ يا جدار،فما أمْنَن حيطانك، وأوْثق بنيانك، وأَقْوى أساسك”
( المقامة المَضيريّة ــ الهمذاني )

والديران بأهلها، كما قالت العرب.فدار القضاء في المدن العربية، دعوة ومنتدى ودارة عمرانية وقضائية وفنية وفكرية، تدعو من يتأملها في ظاهرها، كما في معناها الما ورائي، إلى التفقُّه في طريقة العمران، والتدبر في الاسم، ظاهراً وباطناً ـ فليس جميع المدن عادلة تماماً.
وحين تدخل في الدائرة، أو تقف عند نقطة في محيطها، تكون في الزمن، فالدائرة في خطاب تأويلي هي الزمن، أو السماء بقول آخر، أو هي صورة المطلق في قول ثالث. وجاء في الحديث الشريف: “إنّ الزمان قد استدار، كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض”.
وسواء كنت حولها أو في داخلها، فالدائرة لا تمنحك إلا فرصة الجري، والوثب أحياناً كثيرة، لأنّك تسارع في اللحاق بالمستقبل، وتسرع لأن تجر الماضي إلى الحاضر. وفي أيامنا هذه بات علينا أن نبيت في ديارنا، ونغتبق بين جنباتها، ونصلّي في زاوية منها، لأنّ السيد ك ـ 19، يطاردنا بالهمس واللمس والاحتكاك!
فحذارِ من اللمس عند دار المسرح حيث “تجتمع الفنون كلها، أو عند “دار الموسيقى” حيث لا تجد نشازاً: إنّها صورة جديدة لمجتمع ناقص، وعلاقاته الداخلية أيضاً. أمّا عند “دار الكتاب” فلا خوف عليك ولا حزن، فالكتاب المُعالنة، والكتاب الطهرانية، وهو الكون كلّه، والتاريخ كلّه في جيبك، فتعلّم من هذا الخطاب يا ولدي.
أعود إلى الفن.
العمارة الإسلامية ــ التي في أصلها دارةٌ، تعبير جمالي وفلسفي وعرفاني، عن العدل والرحمة والتوحيد والانغمار في الجميل المطلق، الذي لا جميل مثله، ولا جمال بجماله، وهكذا يكون الباب والديوان والدهليز والأساس، وحدات في منظومة فكرية غير منتهية، وإن بدت شاخصة في التشكيل المادي.
فهل ستكون ديارنا اليوم ــ حيث ضيفنا ك 19ــ ديار عقاب وزجر، أم صورة الزمن وقد استدار، لهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض؟
ذلك ما سوف تخبرنا به الأيام، وما أدراك ما هي الأيام !!.