عامر بدر حسون/
لماذا يشيع مشهد الخراب في الحلول والمشكلات التي تواجهنا؟ ولماذا يتم دفع الامور الى حافة الهاوية دائما؟
الاجابة معقدة جدا.. لكن هذا في الواقع هو نتاج خلطة جاهلية عشائرية بعثية (لنا الصدر دون العالمين او القبر!) وهي تدرس في مدارسنا، وتتعامل معها احزابنا العقائدية (وكل احزابنا عقائدية!) وتشيع في الحياة وفي صفوف اعضائها وفي وسائل الاعلام.
الحزب العقائدي يعتبر نفسه هو الفرقة الناجية، وكل انسان عقائدي، حتى لو لم يكن عضوا في اي حزب، يعتبر نفسه الفرقة الناجية، والفرقة الناجية تحمل في اعماقها مشروع ومشاعر القضاء على الاخرين من اصحاب الفرق الهالكة! فان لم تستطع خربت عليهم لعبتهم وساحة اللعب هنا هي البلد.
هذه العقلية والروح التي تختبيء في الاعماق.. هي روح مدمرة تخريبية.. وهي عاجزة عن طرح فكرة بناءة او تقديم مشروع ايجابي.
الغالبية تتمنى، في اعماقها، انهيار الوضع املا في الحصول على وضع مختلف يتيح لها فرصة للتوسع والتمدد والاستيلاء على كل شيء..
خطورة هذا النوع من القمار انه يتم برصيد غير رصيدك، رصيد المواطن العادي ورصيد الابناء والاحفاد ورصيد البلد باكمله.
ومثل المقامر تماما، فان الخسارة النهائية هي ما يسيطر على اعماقه، خصوصا واننا لم نسمع يوما برجل كوّن ثروة من المقامرة.
وعندما اقتربت الحرب الاخيرة في 2003 كان صدام حسين مستسلما للمقامرة الاخيرة. فقد كان مشغولا بمراجعة روايته الاخيرة “اخرج منها يا ملعون”! وكان يقضي وقته في سماع قصائد المداحين من شعراء شعبيين وضباط مكتفيا بترديد كلمة “عفية”.
لم يكن يفكر بان الحرب واقعة لا محالة.. كان يفكر ان ينجو منها بسبب صراعات خارجية لا دور له فيها: اوروبا وروسيا والمتظاهرين في شوارع العرب والغرب! لكنه لم يناقش او يسمح بمناقشة جدية تلك الاوهام.
فمشهد الخراب هو الذي كان يسكن اعماقه، وهو الذي كان يسيّر خطاه وقراراته!
لقد خرج منها الملعون.. فماذا عنك؟
اي مشهد يسكن اعماقك وانت تسعى للخراب بطريقة المقامرين الخاسرين:
“اما كل شيء او لا شيء”؟!
انت لا تقول هذا علانية حتى لنفسك.. لكنك تقوله مواربة تحت شعارات شائعة وجمل من نوع:
“كلهم حرامية”! “لا خير يرتجى من الديمقراطية لانها ليست لنا” و..”لم يتركوا لنا فرصة لعمل شيء.. لقد استولوا على كل شيء”!
هذا النوع من الافكار والاقوال يقول ان مشهد الخراب الشامل هو ما يختبيء في اعماق عقلك وروحك.. ومهما كانت نواياك طيبة ومهما كانت حرقة قلبك على الشعب وفقرائه!
انتبه لجرثومة العقل والروح فانها تحيلك في النهاية الى متذمر يتمنى تحقيق الخراب وان لم ينتم!